تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٥
الطفل إن باع واستحق المبيع رجع في مال الصغير وهو على الورثة في حصتهم وصح احتياله بماله لو خيرا له أو بيعه وشراؤه بما يتغابن وبيعه على الكبير غير العقار
____________________
قال رحمه الله: (وهو على الورثة في حصتهم) أي الصبي يرجع على الورثة بحصته لانتقاض القسمة باستحقاق ما أصابه. قال رحمه الله: (وصح احتياله بماله لو خيرا له) أي يجوز احتيال الوصي بمال اليتيم إذ كان فيه خيرا بأن يكون الثاني أملا إذ الولاية نظرية، وإن كان الأول أملا لا يجوز لأن فيه تضييع مال اليتيم على بعض الوجوه وهو على تقدير أن يحكم بسقوطه حاكم يرى سقوط الدين إذا مات الثاني مفلسا أو جحد الحوالة أو لم يكن له عليه بينة ولا يرى رجوع الدين على الأول. وقوله لو خيرا بين أنه يصح احتياله إذا كان الثاني خيرا من الأول ولم يبين حكم ما إذا كانوا سواء ففي الذخيرة: واختلف الناس فيه، ذكر المحبوبي أن كان الثاني مثل الأول لا يجوز بخلاف بيعه مال اليتيم بمثل قيمته حيث يجوز والحوالة لا تجوز.
قال الإمام الأسبيجابي في شرح الطحاوي: اعلم أن للوصي أن يأخذ الكفيل بدين الميت لأن الكفالة لا توجب براءة الأصيل، ولو احتال بماله وأخذ الكفيل بشرط براءة الأصيل فإنه ينظر إن كان خيرا لليتيم فإنه يجوز إذا كان المحال عليه أملا حتى لو أدرك وقال أخذ الدين فليس له أن يفسخ الحوالة، وإن لم يكن أملا من المحيل فإنه لا يجوز. هذا إذا ثبت الدين بمداينة الميت، وأما إذا ثبت بمداينة الوصي فإنه يجوز سواء كان خيرا لليتيم أو شرا له إلا أنه إذا كان خيرا له فإنه يجوز بالاتفاق حتى إنه إذا أدرك وأراد أن ينقض ذلك ليس له ذلك، وإن كان شرا له جاز ذلك ويضمن الوصي لليتيم عندهما، وعند أبي يوسف لا يجوز إذا كان شرا.
قال رحمه الله: (أو بيعه وشراؤه بما يتغابن) أي يجوز بيع الوصي وشراؤه بما يتغابن الناس في مثله، ولا يجوز بما لا يتغابن الناس لأن الولاية نظرية ولا نظر في الغبن الفاحش بخلاف اليسير لأنه لا يمكنه التحرز عنه ففي اعتباره انسداد باب الوصاية بخلاف العبد والصبي المأذون لهما في التجارة والمكاتب حيث يجوز بيعهم وشراؤهم بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة لأنهم يتصرفون بحكم المالكية والاذن فك الحجر والصبي يتصرف بحكم النيابة الشرعية نظرا فيتقيد بموضع النظر. وعندهما لا يملكونه لأنه التصرف بالغبن الفاحش تبرع وهم ليسوا من أهلهما ولا ضرورة إليه. وهذا إذا تبايع الوصي للصغير مع الأجنبي. وأما إذا اشترى شيئا من مال اليتيم لنفسه أو باع شيئا منه من نفسه جاز عند أبي حنيفة إذا كان فيه منفعة ظاهرا وهو أن يبيع ما يساوي خمسة عشرة بعشرة ويشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشرة، وإن لم يكن فيه نفع فلا يجوز. وعلى قول محمد وأظهر الروايات عن أبي يوسف أنه لا يجوز بيعه من نفسه بكل حال. هذا في وصي الأب، وأما وصي القاضي فلا يجوز بيعه من نفسه بكل حال لأنه وكيل، وللأب أن يشتري شيئا من مال الصغير لنفسه إذا لم يكن فيه ضرر على الصغير بأن كان بمثل القيمة والغبن يسير. وقال المتأخرون من أصحابنا: لا يجوز
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 320 322 323 325 327 329 330 331 334 ... » »»
الفهرست