بينهما أسداسا وجه قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ان النبوة في العصوبة مقدمة علي الأبوة فما كان الأب مع الابن في حكم العصوبة الا نظير الأخ مع الأب فان الاخوة لما كانت دون الأبوة في العصوبة لم يكن للأخ من الميراث بالولاء شئ مع الأب وكذلك الاخوة لأب وأم لما كانت مقدمة في العصوبة على الأخ لأب لم يكن للأخ لأب شئ من الميراث بالولاء مع الأخ لأب وأم فاما ميراث المعتق فإنما استحق الأب السدس منه بالفرضية وبالفرضية يستحق الميراث بالولاء (ألا ترى) ان المعتق إذا مات عن ابن وابنة لا يكون للابنة من ميراث المعتق شئ لأنها صاحبة فرض وإنما تصير عصبة تبعا للابن ولا تثبت المزاحمة للتبع مع الأصل فيما يستحق بغلبة الأصل فان أعتقت المرأة عبدا فهي في استحقاق ميراثه بالولاء كالرجل لان السبب وهو الاعتاق قد تحقق منها وبعد تحقق السبب الرجل والمرأة في الاستحقاق سواء فان أعتق معتقها عبدا أو أمة فهي تستحق من معتق معتقها ما يستحق الرجل لان الثاني صار منسوبا إليها بالولاء كالأول على معنى ان الثاني منسوب بالولاء إلى الأول والأول منسوب بالولاء إليها فلاتحاد سبب الإضافة جعل الثاني كالأول بخلاف ما إذا أعتق أبوها عبدا لان المعتق منسوب إلى أبيها بالولاء وهي تنسب إلى الأب بالعصوبة لا بالولاء فلما اختلف السبب لم يكن مولى الأب مضافا إليها فلا تكون عصبة له والأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث بالولاء من النساء الا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن أو جر ولاء معتق معتقهن * إذا عرفنا هذا جئنا إلى بيان المسائل فنقول امرأة عتقت عبدا ثم ماتت وتركت ابنا هو من غير قومها وابن عم لها ثم مات المعتق فان ميراثه لابنها لأنه أقرب عصبة لها ولو جنى جناية كان عقل جنايته على ابن العم دون الابن به قضى عمر رضي الله عنه فان صفية بنت عبد الملك أعتقت عبدا ثم ماتت فاختصم في ولاء معتقها على والزبير إلى عمر فقال علي أنا أعقل جنايته على ميراثه وقال الزبير مولى أمي فلي ميراثه فقضى عمر بالميراث للزبير وجعل عقل الجناية على علي رضي الله عنهم وكان المعنى فيه أن استحقاق الميراث بالعصوبة والابن مقدم في ذلك على ابن العم فاما عقل الجناية فبالتناصر (ألا ترى) ان أهل الديوان يتعاقلون بالتناصر ولا ميراث بينهم ولا عصوبة والتناصر إنما يكون لها ولمولاها بقوم أبيها لا بأبيها فلهذا كان عقل الجناية عليهم ولو أن امرأة اشترت عبدا فأعتقته ثم مات المعتق عن ابنة فلها النصف والباقي للمعتقة بالعصوبة لما روى أن ابنه حمزة رضي الله عنها أعتقت عبدا ثم مات
(٤٠)