أن المتعاقدين يأخذ كل واحد منهما يمين صاحبه إذا عاقده ويسمى العقد صفقة لهذا وفى حديث تميم الداري رضي الله عنه انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الرجل ليأتيني فيسلم على يدي ويواليني فقال عليه السلام هو أخوك ومولاك فأنت أحق به محياه ومماته يعنى محياه في تحمل عقل الجناية عنه ومماته في الإرث عنه والمعنى في المسألة ان خلافة الوارث الموروث في ملكه إنما كانت على سبيل النظر للمالك فان الظاهر أن الانسان يؤثر قرابته على الأجانب في هذه الخلافة ولهذا قدمنا الأقرب على الأبعد لأنه يؤثر الأقرب علي الأبعد عادة فما دام هناك أحد من قرابته فقد وجد النظر من الشرع له فوقع الاستغناء عن نظره لنفسه وإذا لم يكن هناك أحد من القرابة فقد وقعت الحاجة إلى نظره لنفسه فإذا فعل ذلك وعقد عقد الموالاة مع انسان كان ذلك منه تصرفا في خالص حقه علي سبيل النظر منه لنفسه فيكون صحيحا بمنزلة الوصية بثلث ماله (ألا ترى) ان مثل هذا النظر منه لنفسه في حال حياته صحيح بتمليك المال من غيره بعوض وبغير عوض فكذلك في اثبات الخلافة لغيره بعد موته والحاصل ان كلام الخصم يرجع كله إلى عدم الدليل فان اثبات هذه الخلافة بطريق العقد قصدا مشروع بالاتفاق وهو عقد النكاح فكأنه يقول لم يقم الدليل على أن بعقد الموالاة تثبت الوراثة ونحن نقول يجعل هذا العقد قائم مقام ما ورد به الشرع من الأسباب لاثبات الخلافة بالدليل الذي قلنا ثم بمجرد الاسلام على يدي غيره لا يصير مولى له ما لم يعاقده عقد الموالاة عندنا وقال بعضهم يصير مولى له وإن لم يعاقده لقوله عليه السلام من أسلم على يد غيره فهو أخوه ومولاه وفى رواية فهو أحق به في حياته ومماته ولان في الاسلام معنى الحياة حكما كما في العتق فكما أن المعتق يثبت له الولاء علي المعتق باكتساب سبب احيائه فكذلك الذي دعاه إلى الاسلام تثبت له الولاية عليه باكتساب سبب احيائه ولكنا نقول في الحديث المروى زيادة فإنه قال عليه السلام من أسلم على يد غيره ووالاه فهذه الزيادة تبين أن بمجرد الاسلام على يده لا يصير مولى له والدليل عليه حديث تميم الداري فإنه قال إن الرجل ليأتيني فيسلم على يدي ويواليني فدل انه كان معروفا بينهم ان بمجرد الاسلام على يده لا تثبت الولاية عليه وهذا بخلاف ولاء العتق فان سببه الاعتاق وإنما وجد ذلك من المعتق وهنا سبب حياته الاسلام وهو الذي أسلم بنفسه فلم يكن هذا الذي عرض عليه الاسلام هو المكسب سبب الحياة له فلا يثبت له عليه الولاء ما لم يعاقده إذا عرفنا هذا فنقول ولاء
(٤٤)