الولد فكما أن الولد يصير منسوبا إلى أبيه بالنسب فالمعتق يصير منسوبا إلى معتقه بالولاء وهذا معنى قوله عليه السلام الولاء لحمة كلحمة النسب واليه أشار الله تعالى في قوله وإذ يقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه الآية أي أنعم الله عليه بالاسلام وأنعمت عليه بالاعتاق فان الكافر في معنى الميت قال الله تعالى أو من كان ميتا فأحييناه فبالاسلام يحيا حكما والرقيق في حكم الهالك فبالعتق يحيا حكما فالمسبب لاحيائه يكون منعما عليه وإذا ثبت أن المعنى الذي لأجله ثبت الولاء لا يختلف باعتبار هذه المعاني قلنا لا يختلف الحكم أيضا ثم الولاء بمنزلة النسب لا يورث عنه ولكن يورث به عندنا وكان إبراهيم النخعي يقول الولاء جزء من الملك يورث عنه كسائر أجزاء الملك قال لأنه ليس للمولى على مملوكه شئ سوى الملك والاعتاق ابطال للملك فلا يجوز أن يكون مثبتا شيئا آخر سواه ولكن يجوز أن يكون مبطلا بعض الملك غير مبطل للبعض فما يبقى يكون جزأ من الملك ولكنا نستدل بقوله عليه السلام الولاء لحمة كلحمة النسب والنسب لا يورث عنه وإنما يورث به ثم الاعتاق ابطال للملك ومع ابطال الملك لا يجوز أن يبقى شئ من الملك ولكنه احداث القوة المالكية وذلك بمنزلة احيائه حكما فيعقب ذلك المعنى الولاء بمنزلة النسب ثم المروى عن عمر وعلى وابن مسعود وزيد انهم قالوا الولاء للكبر وزعم بعض العلماء بظاهر هذا اللفظ ان الولاء لأكبر بنى المعتق بعده وقال الأكبر قائم مقام الأب في الذب عن العشيرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الأكبر بقوله الكبر فيقدم أكبر البنين في استحقاق الولاء لهذا والمذهب عندنا ان المراد بالأكبر الأقرب يعنى ان أقرب البنين أولى باستحقاق الميراث بالولاء حتى إذا مات المعتق عن ابن وابن ابن فالولاء للابن خاصه دون ابنه في قول وكذلك أن مات عن ابن ابن وابن ابن ابن فالميراث بالولاء لابن الابن خاصة لأنه أقرب فان مات المعتق عن أب وابن فميراثه لابن المعتق خاصة دون أبيه في قول زيد وسعيد ابن المسيب وهو قول أبي حنيفة ومحمد وأبى يوسف الأول وفى قول إبراهيم للأب السدس والباقي للابن وهو قول أبى يوسف الآخر لان استحقاق الولاء بالعصوبة والأب في حكم العصوبة كالابن فإنه ذكر يتصل بالميت بغير واسطة كالابن الا ان الابن مقدم عليه شرعا في ميراثه لان الأب لا يصير محروما عن ميراثه لو قدمنا الابن بالعصوبة فإنه يستحق بالفرضية فأولى الوجوه أن يجعل ميراث المعتق كميراث المعتق ويجعل كان المعتق الذي استحق ذلك ثم يخلفه في ذلك أبوه وابنه فيكون مقسوما
(٣٩)