وكذلك لو احتقن صبي بلبن امرأة عند محمد رحمه الله انه تثبت الحرمة في الموضعين جميعا لأنه يصل اللبن إلى أحد الجوفين (ألا ترى) أن الصوم يفسد بهذا وفى ظاهر الرواية يقول معنى انبات اللحم إنما يصل بما يصل إلى جوفه من الجانب الأعلى لامن الجانب الأسفل وثبوت الحرمة باعتبار هذا المعنى ثم ذكر ما إذا جعل لبن امرأة في دواء أو طعام وما يكون من الارضاع بعد مضى الحولين وقد بينا هذه الفصول في كتاب النكاح * ولو أن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع لان الرضاع معتبر بالنسب وكما لا يتحقق النسب بين آدمي وبين البهائم فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم وكان محمد ابن إسماعيل البخاري صاحب التاريخ رضي الله عنه يقول تثبت الحرمة وهذه المسألة كانت سبب اخراجه من بخارا فإنه قدم بخارا في زمن أبى حفص الكبير رحمه الله وجعل يفتى فنهاه أبو حفص رحمه الله وقال لست بأهل له فلم ينته حتى سئل عن هذه المسألة فأفتى بالحرمة فاجتمع الناس وأخرجوه (قال والرضاع في دار الاسلام ودار الحرب سواء في ثبوت الحرمة على قياس النسب فان الأنساب تثبت في دار الحرب فكذلك حكم الرضاع) ولو أن رجلا تزوج صبية فأرضعت الصبية أم الرجل من النسب أو من الرضاع أو أخته فهذه المسألة تشتمل على أحكام أربعة حكم الحرمة وحكم وجوب الصداق وثبوت الرجوع على المرضعة وحرمة التزوج أما حرمة الفرقة فنقول وقعت الفرقة بينهما بسبب الرضاع لأنها صارت أخت الزوج وإذا ثبتت له أختية يغرم لها نصف الصداق لان فعل الصبي غير معتبر شرعا في بناء الحكم عليه وإنما وقعت الفرقة من جهتها قبل الدخول فيكون لها نصف الصداق ويرجع به على التي أرضعتها ان كانت تعمدت الفساد وإن لم تتعمد الفساد فلا شئ عليها الا في رواية عند محمد انه يرجع عليها على كل حال لأنها تسببت في تقرير نصف الصداق عليه وكان بعرض السقوط فكأنها ألزمته ذلك ومجرد التسبب عند محمد سبب لوجوب الضمان كما قال فيمن فتح باب القفص فطار الطير وعندنا التسبب إنما يكون موجبا للضمان إذا كان المسبب متعديا في التسبب ولم يطرأ عليه مباشرة فاما إذا لم يكن متعديا أو طرأ عليه مباشرة من مختار لم يكن موجبا للضمان وهنا إذا تعمدت الفساد فهي غير متعدية في التسبب لأنه إذا كان يخاف الهلاك على الرضيع فارضاعه مندوب إليه أو مأمورة فلا يكون تعديا ولا طريق لمعرفة تعمدها الفساد الا بالرجوع إليها فيقبل قولها في ذلك لان ما يكون في باطن المرء لا يوقف عليه الا من جهته فيقبل قوله
(٢٩٧)