الا انا نقول المسبب إذا لم يكن متعديا في التسبيب لا يكون ضامنا كحافر البئر في ملك نفسه وان اختلفا فقال الزوج تعمدت الفساد وقالت المرأة ما تعمدت ذلك فالقول قولها لان الزوج يدعى عليها الضمان وهي منكرة ولو كانت الكبيرة مصابة فأرضعت الصغيرة في جنونها بانتا منه ولكل واحدة منهما نصف الصداق لأنه كما لا يعتبر فعل الصغيرة فيما فيه معنى العقوبة لا يعتبر فعل المجنونة ولا يرجع الزوج على الكبيرة لأنها غير متعدية في السبب لكونها مصابة وكذلك لو جاءت الصغيرة إلى الكبيرة وهي نائمة فارتضعت من ثديها كان لكل واحدة منهما نصف الصداق لأنه لم يوجد من الكبيرة فعل في الفرقة ولا معتبر بفعل الصغيرة * ولو أن رجلا جاء وأخذ من لبن الكبيرة في مسعط فأوجر به الصغيرة ولا يعلم الكبيرة أي شئ يريد فإنهما يبينان منه وعلى الزوج نصف الصداق لكل واحدة منهما * فان أقر الرجل أنه أراد الفساد رجع الزوج بجميع ما غرم لهما لكونه متعديا في التسبب وان قال لم أتعمد الفساد فالقول قوله ولا يرجع عليه الزوج بشئ في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وفى القول الآخر يرجع وهذا يبين لك أن القول الآخر قول محمد رحمه الله * وإن كان الزوج هو الذي فعل ذلك يعنى الايجار بانتا منه وعليه نصف الصداق لكل واحدة منهما ولا رجوع له على أحد لان الفرقة إنما وقعت بسبب من جهته قبل الدخول * ولو أن رجلا تحته امرأة تصاب في بعض الأيام فتجن وتفيق فدعت ابن زوجها إلى أن يفجر بها في حال جنونها ففعل بانت من زوجها وكان عليه نصف الصداق لان تمكينها في حال جنونها غير معتبر في اسقاط الصداق وكذلك لو تزوج امرأة لم تبلغ ومثلها يجامع فدعت ابن زوجها إلى أن يأتيها ففعل بانت وكان عليه نصف الصداق لان فعل الصغيرة غير معتبر فيما فيه معنى العقوبة قال فان أقر الابن الذي أمر أنه أراد الفساد يرجع الزوج عليه بنصف الصداق الذي يلزم للصغيرة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وفى قوله الآخر يرجع به عليه أراد الفساد أو لم يرد ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول هذا التقسيم في الارضاع صحيح فان المرضعة قد تكون محسنة في الارضاع بان تخاف علي الصبي الهلاك فاما في الزنا لا يتحقق هذا التقسيم فان الزنا فساد كله ليس فيه من معني الصلاح شئ حتى يقال أراد الزاني الفساد أو لم يرد ولكنا نقول ما ذكره صحيح لان الزنا فساد من حيث إنه كبيرة ولكن قد يكون مفسدا للنكاح وقد لا يكون فإنما أراد بهذا أنه إذا تعمد فساد النكاح يرجع الزوج عليه بنصف الصداق وإذا لم يتعمد ذلك بأن لم يعلم أنها امرأة أبيه لم يرجع الأب عليه
(٣٠٨)