نص أبي الحسن عن المقدمات: وأما المسجد فقيل إنه من شرائط الوجوب والصحة معا كالامام والجماعة وهذا على قول من يرى أنه لا يكون مسجدا إلا إذا كان مبنيا وله سقف إذ قد يعدم مسجد يكون على هذه الصفة وقد يوجد فإذا عدم فلا تجب الجمعة فصح كونه من شرائط الوجوب لتوقفه عليه وإذا وجد صحت الجمعة فيه فلذا كان من شرائط الصحة، وعلى قياس هذا أفتى الباجي في أهل قرية إن هدم مسجدهم وبقي لا سقف له فحضرت الجمعة قبل أن يبنوه أنه لا يصح لهم أن يجمعوا فيه وهذا بعيد لان المسجد إذا جعل مسجدا لا يعود غير مسجد إذا انهدم وإن كان لا يصح أن يسمى الموضع الذي يتخذ لبناء المسجد فيه مسجدا قبل أن يبنى وهو فضاء، وقيل: إن المسجد بالأوصاف المذكورة من شرائط الصحة دون الوجوب وهذا على قول من يقول: إن المكان من الفضاء يكون مسجدا ويسمى مسجدا بمجرد تعيينه وتحبيسه للصلاة فيه فلا يعدم موضع يصح أن يتخذ مسجدا، وحينئذ فما يكون بالأوصاف المذكورة لا يكون إلا شرط صحة. والحاصل أن وجوب الجمعة منوط بوجود الجامع والجامع موجود متحقق بمجرد التعيين والتعيين لا كلفة فيه، فصار الجامع متقررا بالأصالة وصحتها ليست منوطة بمجرد تحقق الجامع المتحقق بالتعيين بل بالأوصاف المشار لها بقوله: مبني إلخ، وحينئذ فلا يكون الجامع بالأوصاف المذكورة إلا شرط صحة. قوله: (فلا تصح في براح حجر) أي أحيط بأحجار مثلا من غير بناء لان هذا لا يسمى مسجدا لأنه إنما يتقرر مسمى المسجد إذا كان ذا بناء وسقف على المعتمد، وعليه فقول المصنف مبني وصف كاشف إلا أن يلاحظ قوله بناء معتادا وإلا كان مخصصا قوله: (أو قريبا منها) أي بحيث ينعكس عليه دخانها وحده بعضهم بأربعين ذراعا أو باعا، فلو كان بعيدا عنها فلا تصح فيه ما لم يكن بني أولا قريبا منها فتهدم ما بينه وبينها من البنيان وصار بعيدا فإن كان كذلك فلا يضر بعده قوله: (متحد) أي فلا يجوز تعدده على المشهور ولو كان البلد كبيرا مراعاة لما كان عليه السلف وجمعا للكل وطلبا لجلاء الصدور، ومقابله قول يحيى بن عمر بجواز تعدده إن كان البلد كبيرا وقد جرى العمل به قوله: (والجمعة للعتيق) أي ولا تصح في الجديد ولو صلى فيه السلطان فإن لم يكن هناك عتيق بأن بنيا في وقت واحد ولم يصل في واحد منهما صحت الجمعة فيما أقيمت فيه بإذن السلطان أو نائبه، فإن أقيمت فيهما بغير إذنه صحت للسابق بالاحرام إن علم وإلا حكم بفسادها في كل منهما كذات الوليين ووجب إعادتها للشك في السبق جمعة إن كان وقتها باقيا وإلا ظهرا قوله: (أي ما أقيمت فيه أولا) أشار بهذا إلى أن العتاقة تعتبر بالنسبة للصلاة لا بالنسبة للبناء قوله: (وإن تأخر أداء) أي فعلا يعني في غير الجمعة الأولى التي أثبتت له كونه عتيقا، وقوله: وإن تأخر العتيق أداء أي وأولى إذا ساوى الجديد أو سبقه في الأداء قوله: (ما لم يهجر العتيق) أي وينقلوها للجديد فإن هجر العتيق وصلوها في الجديد فقط صحت كما قال اللخمي وظاهره كان هجر العتيق لغير موجب أو لموجب كخلل حصل فيه وظاهره دخلوا على دوام هجران العتيق أو على عدم دوام ذلك فإن رجعوا بعد الهجران للعتيق مع الجديد فالجمعة للعتيق، اللهم إلا أن يتناسى العتيق بالمرة وإلا كان الحكم للثاني كذا قرر شيخنا. قوله: (وما لم يحكم حاكم بصحتها في الجديد تبعا لحكمه بصحة عتق عبد معين إلخ) الأولى تبعا لحكمه بعتق عبد إلخ وقوله علق أي ذلك العتق. وقوله فيه أي في الجديد وحاصله أن باني المسجد أو غيره يقول لعبد معين مملوك له: إن صحت صلاة الجمعة في هذا المسجد فأنت حر، فبعد
(٣٧٤)