أي وإن لم يبق ركعة للعصر، وعلى هذا فقولهم الوقت إذا ضاق يختص بالأخيرة يستثنى منه الجمعة وهذا القول هو المعتمد في المذهب خلافا لمن قال إنه يمتد للاصفرار، وأجاز أحمد فعلها قبل الزوال فيدخل وقتها عنده من حل النافلة، ثم إن الوقت المذكور ليس كله اختياريا لها بل هي فيه وفي الضروري كالظهر سواء قلنا أنها بدل عن الظهر أو فرض يومها قاله شيخنا. ثم اعلم أن المصنف صدر بهذا القول لكونه هو المعتمد في المسألة ثم حكى ما فيها من الخلاف بعد ذلك وأنه استعمل الغروب كما قال الشارح في حقيقته ومجازه، فلا يقال جزمه بذلك أو لا ينافي حكاية الخلاف بعده. قوله: (وهل إن أدرك ركعة من العصر) أي وهل يشترط أن يدرك ركعة من العصر بعد صلاتها بخطبتيها قبل الغروب، فإن لم يفضل للعصر ركعة سقط وجوبها وهذا رواية عيسى عن ابن القاسم قوله: (وصح هذا القول) أي صححه عياض وهو ضعيف كما في حاشية شيخنا قوله: (بل الشرط فعلها بخطبتيها قبله) أي وهذا رواية مطرف وابن الماجشون عن مالك، وظاهر هذا أنها لا تصح بإدراك ركعة بسجدتيها قبل الغروب والمعول عليه صحتها، قال الشيخ أبو بكر التونسي: فإن عقد ركعة بسجدتيها قبل الغروب فخرج وقتها أتمها جمعة وإن لم يعقد ذلك بنى وأتمها ظهرا، وهذا إذا دخل معتقدا اتساع الوقت لركعتين أو لثلاث، أما لو دخل على أن الوقت لا يسع إلا ركعة بعد الخطبة فإنه لا يعتد بتلك الركعة ولا يتمها جمعة بعد الغروب، هذا حاصل ما ارتضاه طفي خلافا لعج ومن تبعه. قوله: (رويت المدونة عليهما) ففي رواية ابن عتاب للمدونة: وإذا أخر الامام الصلاة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك العصر إلا بعد الغروب، وفي رواية غير ابن عتاب: وإذا أخر الامام الصلاة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب عياض وهذه أصح وأشبه برواية ابن القاسم عن مالك انظر ح اه بن. قوله: (الباء للمعية إلخ) أي فالمعنى شرط صحة الجمعة وقوعها كلها بالخطبة وقت الظهر حال كون ذلك الوقوع مصاحبا للعزم على الإقامة بنية التأبيد في بلد، واعترض على المصنف بأن الاستيطان وهو العزم المذكور شرط وجوب كما يأتي، وذكره هنا في أثناء شروط الصحة يقتضي أنه منها وليس كذلك، فالأولى أن تجعل إضافة بلد للاستيطان من إضافة الصفة للموصوف وأن الباء بمعنى في وهي متعلقة وقوع أي وقوعها في بلد مستوطنة، ولا شك أن كون البلد مستوطنة شرط في صحتها، وأما ما يأتي من أن الاستيطان شرط وجوب فالمراد استيطان الشخص نفسه أي عزمه على الإقامة في البلد على التأبيد. والحاصل أن استيطان بلدها أي كون البلد مستوطنة شرط صحة واستيطان الشخص في نفسه شرط وجوب، وينبني على هذا كما قال ابن الحاجب أنه لو مرت جماعة بقرية خالية فنووا الإقامة فيها شهرا وصلوا الجمعة بها لم تصح لهم كما لا تجب عليهم. واعلم أنه متى كانت البلد مستوطنة والجماعة مستوطنة وجبت عليهم وصحت منهم مطلقا ولو كانت تلك البلد تحت حكم الكفار كما لو تغلبوا على بلد من بلاد الاسلام وأخذوها ولم يمنعوا المسلمين المتوطنين بها من إقامة الشعائر الاسلامية فيها كما هو ظاهر إطلاقاتهم. قوله: (نعم إلخ) استدراك على ما يتوهم من عدم صحتها لأهل الخيم أنها لا تجب عليهم. قوله: (وبجامع إلخ)
(٣٧٣)