فتقوم عليه امرأته بصداق عليه إلى أجل ببينة وقام عليه غرماؤه فشهد لهم عليها شاهد واحد أن المرأة صالحت زوجها على أن وضعت له ذلك الصداق قال: يحلف الغرماء مع شاهدهم ويستحقون حقوقهم، فإن أبوا أن يحلفوا حلف من رضي واستحقوا حقوقهم. قال ابن رشد:
قوله: إن الغرماء يحلفون مع شاهدهم على إبراء الميت من الصداق ويستحقون حقوقهم في تركة الميت فيختصون بها دون المرأة صحيح على قياس قول مالك في الميت يقوم عليه الغرماء له دين بشاهد واحد أن الغرماء يحلفون مع الشاهد على الدين فيستحقونه لأنفسهم من ديونهم، لأنها يمين مع الشاهد يصلون بها إلى استيفاء حقوقهم في المسألتين جميعا، فلا فرق في المعنى والقياس بين أن يبرئوا الميت من الصداق بحلفهم مع الشاهد فيستحقون تركته في ديونهم. وبين أن يثبتوا له الدين بحلفهم عليه مع الشاهد به فيستحقونه في ديونهم.
وقد حكى ابن حبيب عن أصبغ أنه لا يحلف الغرماء في إبراء الميت، وإنما يحلفون في دين له لأن حلفهم على الدين رجم بالغيب إذ لا يعلمون ذلك وهو بعيد قد أنكره ابن المواز.
وقال: إن ذلك ليس رجما بالغيب وإنما يحلفون بخبر مخبر كما يحلفون على إثبات دين له، وذلك بين لا فرق في هذا المعنى بين الموضعين اه. وذكر ابن فرحون في الباب الحادي عشر من القسم الثاني المسألة والخلاف في المفلس عن المتيطي.
فرع: وهل يبدأ الورثة أو الغرماء؟ قال ابن رشد إثر كلامه المتقدم: وقوله في هذه المسألة: إن الغرماء يحلفون مع شاهدهم ويستحقون حقوقهم فالظاهر من قوله أنه يبدأ الغرماء بالايمان على الورثة وفي هذا تفصيل، أما إن كان فيما ترك المتوفى فضل عن حقوق الغرماء فلا اختلاف في أن الورثة يبدؤن بالايمان، فإن حلفوا بطل دين المرأة واستحقوا ما فضل عن ديون الغرماء، فإن أبى الورثة أن يحلفوا حلف الغرماء ويأخذون حقوقهم، فإن فضل فضل بعد استيفائهم لم يكن للورثة أن يحلفوا عليه ولم يكن لهم شئ منه لأن الايمان عرضت عليهم أولا فتركوها إلا أن يقولوا لم نكن نعلم أنه يفضل لصاحبنا فضل، أو يعلم أن نكولهم من أجل ذلك فيحلفون ويأخذون ما بقي من دينه. وإن نكل الغرماء أيضا عن اليمين حلفت المرأة واستحقت دينها وحاصت الغرماء في جميع ما يحلفه المتوفى، وأما إن لم يكن فيما ترك فضل عن ديون المتوفى فاختلف قول مالك فيمن يبدأ باليمين، فالظاهر من قوله في الموطأ أن الورثة يبدؤن باليمين. وروى ابن وهب عنه أن الغرماء يبدؤن وهو اختيار سحنون وعليه تؤول قول مالك في موطئه فقال: إنما بدئ الورثة باليمين من أجل أن الغرماء لم يحلفوا، ولو كانوا حلفوا لكانوا هم المبدئين باليمين وهو تأويل بعيد، والصواب أن ذلك اختلاف من قول مالك ثم وجه كلا من القولين بما يطول ذكره.
فرع: إذا ادعى الغريم أنه لا مال فأقام الطالب بينة على دار أو عرصة أنها ملكه فقال ابن فرحون في آخر التبصرة في فضل مسائل المديان مسألة في بيع ملك الغريم. وفي