مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣٩٦
بثمن يسير ثم هو ياقوتة أو زبرجدة تبلغ مالا كثيرا لو شاء استبرأه قبل البيع بخلاف من قال:
اخرج لي ثوبا مرويا بدينار فأخرج له ثوبا أعطاه إياه ثم وجده من أثمان أربعة دنانير هذا يحلف ويأخذ ثوبه. قال ابن رشد في سماع أبي زيد خلاف هذا أن من اشترى ياقوتة وهو يظنها حجرا ولا يعرفها البائع ولا المبتاع فيجدها على ذلك، أو يشتري القرط يظنه ذهبا فيجده نحاسا، أن البيع يرد في الوجهين. وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يسم أحدهما الشئ بغير اسمه وإنما سماه باسم يصلح له على كل حال. ثم قول البائع: أبيعك هذا الحجر أو قول المشتري: بع مني هذا الحجر فيشتريه وهو يظنه ياقوتة فيجده غير ياقوتة، أو يبيع البائع يظن أنها ياقوتة فإذا هو غير ياقوتة، فيلزم المشتري وإن علم البائع أنها غير ياقوتة، والبائع البيع وإن علم المشتري أنها ياقوتة على رواية أشهب، ولا يلزم ذلك في الوجهين على ما في سماع أبي زيد. وأما إذا سمى أحدهما الشئ بغير اسمه مثل أن يقول البائع: أبيعك هذا الياقوتة فيجدها غير ياقوتة، أو يقول المشتري: بع مني هذه الزجاجة ثم يعلم البائع أنها ياقوتة، فلا خلاف في أن الشراء لا يلزم المشتري والبيع لا يلزم البائع، وكذلك القول في المصلى وشبه ذلك.
وأما القرط يظنه المشتري ذهبا يشترط أنه ذهب فيجده نحاسا، فلا خلاف أن له أن يرده إذا كان قد صنع على صفة أقراط الذهب أو كان مغسولا بالذهب، وقد اختلف إذا أبهم أحدهما لصاحبه في التسمية ولم يصرح فقال ابن حبيب: إن ذلك يوجب الرد كالتصريح. وحكى شريح القاضي أنه اختصم إليه رجل مر برجل معه ثوب مصبوغ الصبغ الهروي فقال: بكم هذا الهروي؟ فقال: بكذا. فاشتراه ثم بين أنه ليس بهروي وإنما صبغ صبغ الهروي فأجاز بيعه قال: ولو استطاع أن يزين ثوبه بأكثر من هذه الزينة قال عبد الملك: لأنه إنما باعه هروي الصبغ حتى يقول هروي هراة فعند ذلك يرده، وذلك عندي اختلاف من قوله وقد قال بعض الشيوخ: إنه إذا باع الحجر في سوق الجوهر فوجده حجرا كان للمبتاع القيام وإن لم يشترط أنه جوهر، وإن باعه في غير الميراث أو في غير سوق الجوهر لم يكن له قيام على هذا القياس، وشبهه، وهذا عندي يجري على الاختلاف الذي ذكرته في الألغاز. ووجه تفرقة مالك بين الذي يبيع الياقوتة جاهلا وبين من قصد إخراج ثوب بدينار فأخرج ثوبا بأربعة، أن الأول جهل وقصر إذا لم يسأل من يعلم ما هو والثاني غلط والغلط لا يمكن التوقي منه فيكون له أن يحلف ويأخذ ثوبه إذا أتى بدليل على صدقه من رسم أو شهادة وقوم على حضور ما صار به إليه في مقاسمة أو ما أشبه ذلك، والرجوع بالغلط في بيع المرابحة متفق عليه، وفي بيع المكايسة يختلف فيه، وقد مضى القول على ذلك في أول رسم من سماع ابن القاسم، وليس في هذه الرواية بيان أن البيع مرابحة أو مكايسة. اه باختصار يسير.
والذي في سماع ابن القاسم: قال مالك في البزاز: يبيع فيأمر بعض قومته بدفعه ثم
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست