مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٧
الشيخ ابن غازي وشرح الفصلين الأولين من كلام العلامة المحقق أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق التلمساني، ولم أر أحسن من شرحه لما اشتمل عليه من تفكيك عبارة المصنف وبيان منطوقها ومفهومها. والكلام على مقتضى ذلك من جهة النقل، ولكنه عزيز الوجود مع أنه لم يكمل ولا يقع إلا في يد من يضن به حتى لقد أخبرني والدي أنه كان عند بعض المكيين كراس من أوله فكان لا يسمح بإعارته ويقول: إن أردت أن تطالعه فتعال إلى.
وقد ذكر ابن غازي نحو هذا عند قول المصنف وإن زال تغير النجس لا بكثرة مطلق، وقد وقفت على قطعة مما كتبه الشيخ العلامة خطيب غرناطة أبو عبد الله محمد بن المواق الأندلسي، وهو حسن من جهة تحرير النقول، لكنه لا بتعرض لحل كلام المصنف وأنبه أيضا على ما في كلام ابن الحاجب وشروحه وكلام الشيخ ابن عرفة وغيرهم لقصد تحرير المسائل لا للحط من مرتبتهم العلية لعلمي بأن ذلك لا ينقص من مرتبتهم، وأعوذ بالله أن أكون ممن يقصد ذلك فقد قال النووي في كتاب (التبيان): قال الإمامان الجليلان أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولى. وذكره في شرح المهذب بلفظ: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولى وفى الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) (1) وقال الإمام أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (النور: 63) وقوله: (آذنته بالحرب) بهمزة ممدودة أي أعلمته بأنه محارب لي، والثلب بفتح المثلثة وسكون اللام العيب نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، وأسأله سبحانه أن يصلح فساد قلوبنا وأن لا يؤاخذنا بما انطوت عليه نفوسنا وأكنته ضمائرنا إنه جواد كريم، ولا أدعى الاستقصاء والاستيفاء في شئ من الأشياء، وإنما هذا كله بحسب ما اقتضاه علمي القاصر وفهمي الفاتر اللذان يستحيا من تسميتهما علما وفهما، ثم عرضت عوارض من إتمام الشرح على هذا الوجه الذي ذكرته، فاستخرت الله تعالى في جمع ما هو موجود عندي على حسب ما تيسر من بسط أو اختصار، وألتزم العز وغالبا إلا ما كان غريبا أو ذكر في غير موضعه أو
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست