إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
وقال في الروض وشرحه: ويستحب قبل التكبير للاحرام أن يأمرهم الامام بتسوية الصفوف، كأن يقول: استووا رحمكم الله، أو سووا صفوفكم، لخبر الصحيحين: اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا، فإني أراكم من ورائي. قال أنس - رواية - فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. ولخبر مسلم: كان يسوي صفوفنا كأنما يسوي بها القداح. وأن يلتفت لذلك يمينا وشمالا لأنه أبلغ في الاعلام. اه‍.
(قوله: وهو ما يلي الامام) أي الصف الأول هو الذي يلي الامام، أي الذي لم يحل بينه وبين الامام صف آخر من المصلين.
وإذا صلى الامام خلف المقام في المسجد الحرام واستدار المصلون حول الكعبة، فالصف الأول - في غير جهة الامام - ما اتصل بالصف الذي وراء الامام، لا ما قرب من الكعبة - كما في فتح الجواد - ونص عبارته: والصف الأول في غير جهة الامام ما اتصل بالصف الذي وراء الامام، لا ما قرب للكعبة، كما بينته ثم. أي في الأصل. اه‍. ومثله في النهاية ونصها: ويسن أن يقف الامام خلف المقام للاتباع. والصف الأول صادق على المستدير حول الكعبة المتصل بما وراء الامام، وعلى من في غير جهته وهو أقرب إلى الكعبة منه، حيث لم يفصل بينه وبين الامام صف. اه‍.
وكتب ع ش - ما نصه: قوله حيث لم يفصل بينه وبين الامام: المتبادر أن الضمير راجع لقوله وهو أقرب إلى الكعبة منه، وهو يقتضي أنه لو وقف صف خلف الأقرب وكان متصلا بمن وقف خلف الامام، كان الأول المتصل بالامام.
لكن في حاشية سم على المنهج ما يخالفه، وعبارته: (فرع) أفتى شيخنا الرملي، كما نقله م ر، بما حاصله أن الصف الأول في المصلين حول الكعبة هو المتقدم، وإن كان أقرب في غير جهة الامام، أخذا من قولهم: الصف الأول هو الذي يلي الامام، لان معناه الذي لا واسطة بينه وبينه، أي ليس قدامه صف آخر بينه وبين الامام.
وعلى هذا فإذا اتصل المصلون بمن خلف الامام الواقف خلف المقام وامتدوا خلفه في حاشية المطاف، ووقف صف بين الركنين اليمانيين قدام من في الحاشية من هذه الحلقة الموازين لمن بين الركنين، كان الصف الأول من بين الركنين، لا الموازين لما بينهما من هذه الحلقة، فيكون بعض الحلقة صفا أول، وهم من خلف الامام في جهته، دونهبقيتها في الجهات إذا تقدم عليهم غيرهم.
وفي حفظي أن الزركشي ذكر ما يخالف ذلك. اه‍.
وفي كلام شيخنا الزيادي ما نصه: والصف الأول حينئذ في غير جهة الامام ما اتصل بالصف الأول الذي وراءه، لا ما قارب الكعبة. اه‍. وهذا هو الأقرب الموافق للمتبادر المذكور. اه‍.
(قوله: وإن تخلله منبر) أي حيث كان من بجانب المنبر محاذيا لمن خلف الامام، بحيث لو أزيل ووقف موضعه شخص مثلا صار الكل صفا واحدا. اه‍. ع ش. والغاية للرد على من يقول أن تخلل نحو المنبر يقطع الصف الأول، كما يستفاد من فتاوي ابن حجر، ونص عبارتها.
(سئل) رضي الله عنه بما صورته: ما ضابط الصف الأول؟ وهل يقطعه تخلل نحو منبر أو لا؟ (فأجاب) بقوله: قال في الاحياء: إن المنبر يقطع الصف الأول، وغلطه النووي في شرح مسلم، وبين أن الصف الأول الممدوح هو الذي يلي الامام، سواء كان صاحبه متقدما أم متأخرا، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا. ثم قال: وهذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث، وصرح به الجمهور، ثم نقل فيه قولا: إنه الذي يلي الامام من غير أن يتخلله نحو مقصورة، وقولا آخر إنه الذي سبق إلى المسجد، وإن صلى في صف متأخر، وغلطهما. وقد يؤخذ من قوله أم متأخرا: أنه لو بقي في الصف الأول فرجة كان المقابل لها من الصف الثاني أو الثالث مثلا صفا أول بالنسبة لمن بعده، وهو قريب إن تعذر عليه الذهاب إليها، وإلا فوقوفه دونها مكروه، إذ يكره الوقوف في صف قبل إكمال الذي أمامه. اه‍.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست