إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٢
(قوله: ولا يؤخر الصبيان للبالغين) أي إذا حضر الصبيان أولا وسبقوا إلى الصف الأول، ثم حضر البالغون، فلا ينحى الصبيان لأجلهم، لأنهم حينئذ أحق به منهم. (وقوله: لاتحاد جنسهم) أي أن جنس الصبيان والبالغين واحد، وهو الذكورية. وأفهم التعليل المذكور أن النساء لو سبقن للصف الأول ثم حضر غيرهن يؤخرن لأجله، وذلك لعدم اتحاد الجنس. وانظر إذا أحرمن ثم بعده حضر غيرهن، هل يؤخرن بعد الاحرام أو لا؟. ثم رأيت ع ش استقرب الأول وقال:
حيث لم يترب على تأخرهن أفعال مبطلة. (قوله: ومنها) أي ومن شروط صحة القدوة. (قوله: علم بانتقال إمام) أي علم المأموم بانتقال إمامه. وأراد بالعلم ما يشمل الظن، بدليل قوله أو صوت مبلغ. (قوله: برؤية له) متعلق بعلم، أي أن علمه بذلك يحصل برؤية إمامه. (قوله: أو لبعض صف) أي أو رؤية لبعض صف من يمينه أو يساره أو أمامه. (قوله: أو سماع لصوته) معطوف على رؤية، أي أو يحصل علمه بسماع لصوت إمامه. (قوله: أو صوت مبلغ) أي أو سماع صوت مبلغ، أي وإن لم يكن مصليا. (وقوله: ثقة) قال في النهاية: المراد بالثقة هنا عدل الرواية، إذ غيره لا يقبل إخباره. ثم قال: ولو ذهب المبلغ في أثناء صلاته لزمته نية المفارقة، أي إن لم يرج عوده قبل مضي ما يسع ركنين في ظنه فيما يظهر.
فلو لم يكن ثم ثقة وجهل المأموم أفعال إمامه الظاهرة، كالركوع والسجود، لم تصح صلاته، فيقضي لتعذر المتابعة حينئذ. اه‍. (قوله: ومنها) أي ومن شروط صحة القدوة. (وقوله: اجتماعهما) حاصل الكلام على ما يتعلق بهذا الشرط، أن لاجتماعهما أربع حالات.
الحالة الأولى: أن يجتمعا في مسجد.
الحالة الثانية: أن يجتمعا في غيره، وهذه تحتها أربع صور، وذلك لأنهما إما أن يجتمعا في فضاء، أو في بناء ، أو يكون الامام في بناء والمأموم في فضاء، أو بالعكس.
الحالة الثالثة: أن يكون الامام في المسجد، والمأموم خارجه.
الحالة الرابعة: بعكس هذه.
ففي الأولى يصح الاقتداء مطلقا وإن بعدت المسافة بينهما، وحالت أبنية واختلفت، كأن كان الامام في سطح أو بئر، والمأموم في غير ذلك. لكن يشترط فيها أن تكون نافذة إلى المسجد نفوذا لا يمنع الاستطراق عادة، كأن كان في البئر مرقى يتوصل به إلى الامام من غير مشقة. ولا يشترط هنا عدم الازورار والانعطاف، ولا يكفي الاستطراق من فرجة في أعلى البناء، لان المدار على الاستطراق العادي. ولا يضر غلق أبوابها، ولو ضاع مفتاح الغلق، بخلاف التسمير، فيضر. وعلم أنه يضر الشباك الكائن في جدار المسجد، فلا تصح الصلاة من خلفه، لأنه يمنع الاستطراق عادة. وخالف الأسنوي فقال: لا يضر، لان جدار المسجد منه. وهو ضعيف، لكن محل الضرر في الشباك، إذا لم يكن الجدار الذي هو فيه متصلا بباب المسجد، ويمكن الوصول منه إلى الامام من غير ازورار وانعطاف. فإن كان كذلك فلا يضر. وقال ح ل: متى كان متصلا بما ذكر لا يضر، سواء وجد ازورار وانعطاف أو لا.
وفي الصورة الأولى من الحالة الثانية يشترط لصحة القدوة قرب المسافة بأن لا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع.
وفي الصور الثلاث منها يشترط - زيادة على ذلك - عدم حائل يمنع مرورا أو رؤية أو وقوف واحد حذاء منفذ في الحائل إن وجد. ويشترط - في الواقف - أن يرى الامام أو بعض من يقتدي به. وحكم هذا الوقف حكم الامام بالنسبة لمن خلفه، فلا يحرمون قبله، ولا يسلمون قبله. وعند م ر: يشترط أن يكون ممن يصح الاقتداء به، فإن حال ما يمنع ذلك أو لم يقف واحد حذاء منفذ فيه بطلت القدوة.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست