إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣١
وقوله قد أحرما: بنقل همزة أحرم للدال.
(قوله: بل يدخله) أي الصف الذي فيه سعة. ولو وجدها وبينه وبينها صفوف كثيرة خرق جميعها ليدخل تلك الفرجة، لأنهم مقصرون بتركها، ولكراهة الصلاة لكل من تأخر عن صفها. وبهذا يعلم ضعف ما قيل من عدم فوت الفضيلة هنا على المتأخرين. نعم، إن كان تأخرهم لعذر، كوقت الحر بالمسجد الحرام، فلا كراهة، ولا تقصير كما هو ظاهر. كذا في التحفة والنهاية. (قوله: وشروع في صف إلخ) أي وكره شروع في صف قبل إتمام الصف الذي أمامه.
(وسئل) الشهاب ابن حجر عما عم الابتلاء به في المسجد الحرام. وهو أنه لا يتم فيه غير صف الحاشية - أي حاشية المطاف - على أنه إنما يتم في بعض الفروض لا كلها، وأكثر الناس يتخلفون عن الصف الأول أو الثاني مع نقصه فهل يكره ذلك وتفوت به فضيلة الجماعة أو لا؟.
(فأجاب) رضي الله عنه: نعم، يكره ذلك للأحاديث الآتية فيه، وتفوت به فضيلة الجماعة، لا بركتها المانعة لتسلط الشيطان ووسوسته، ولا صورتها المسقطة لفرض الكفاية أو العين في الجمعة. فعلم أنه لا يلزم من سقوط فضيلتها سقوط صورتها، خلافا لكثيرين وهموا فيه.
وقد صرح في شرح المهذب بكراهة ذلك، لأنه خالف فيه فاعله المتابعة المندوبة في المكان ونحوه.
وسبقه الأصحاب إلى ذلك حيث قالوا: يكره إنشاء صف من قبل إتمام ما قبله، وصرحوا بأن كل مكروه من حيث الجماعة يكون مبطلا لفضيلتها، أي التي هي سبع وعشرون درجة.
وقد ورد خبر: من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله تعالى. أي عن الخير والكمال. وأخذ منه ابن حزم: بطلان الصلاة. والبخاري أن فاعل ذلك يأثم. ورد بأن غيرهما حكى الاجماع على عدم الوجوب. اه‍. ملخصا من هامش على شرح المنهج بخط العلامة الشيخ محمد صالح الرئيس المكي، رحمه الله تعالى.
(قوله: ووقوف الذكر الفرد عن يساره) أي ويكره وقوف الذكر الفرد عن يسار الامام. وهذا محترز قوله عن يمين الامام، وكذا قوله ووراءه ومحاذيا له. (قوله: ومحاذيا له) أي مساويا. (قوله: ومتأخرا كثيرا) أي بأن يكون زائدا على ثلاثة أذرع. وهذا محترز قوله متأخرا قليلا. (قوله: وكل هذه) أي وكل واحدة من هذه الصور، وهي الانفراد عن الصف، والشروع في صف قبل إتمام ما قبله، ووقوف الذكر الفرد عن يساره أو وراءه أو محاذيا له أو متأخرا كثيرا. (قوله:
تفوت فضيلة الجماعة) أي التي هي سبع وعشرون درجة، أو خمس وعشرون. ولا تغفل عما سبق لك من أن المراد فوات ذلك الجزء الذي حصل فيه ذلك المكروه، لا في كل الصلاة. (قوله: ويسن أن لا يزيد إلخ) فلو زيد على ذلك كره للداخلين أن يصطفوا مع المتأخرين، فإن فعلوا لم يحصلوا فضيلة الجماعة، أخذا من قول القاضي: لو كان بين الامام ومن خلفه أكثر من ثلاثة أذرع فقد ضيعوا حقوقهم، فللداخلين الاصطفاف بينهما، وإلا كره لهم. أفاده في التحفة.
(قوله: والأول والامام) أي ويسن أن لا يزيد ما بين الصف الأول والامام. (قوله: ويقف إلخ) أي ويسن إذا تعددت أصناف المأمومين أن يقف خلفه الرجال، ولو أرقاء، ثم بعده - إن كمل صفهم - الصبيان، ثم بعدهم - وإن لم يكمل صفهم - النساء. وذلك للخبر الصحيح: ليليني منكم أولو الأحلام والنهي - أي البالغون العاقلون - ثم الذين يلونهم.
ثلاثا. ومتى خولف الترتيب المذكور كره.
(تنبيه) النسوة إذا صلين جماعة تقف ندبا إمامتهن وسطهن، لأنه أستر لها. ومثلهن العراة البصراء، فيقف إمامهم غير المستور وسطهم، ويقفون صفا واحدا إن أمكن، لئلا ينظر بعضهم إلى عورة أحد.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست