باب الزكاة لما أنهى الكلام على الركن الأعظم من أركان الاسلام - وهو الصلاة - شرع يتكلم على الركن الثاني منها، وهو الزكاة.
والأصل في وجوبها - قبل الاجماع - قوله تعالى: * (وآتوا الزكاة) *. وأخبار كخبر بني الاسلام على خمس.
(قوله: هي لغة: التطهير والنماء) يعني أن الزكاة في اللغة جاءت بمعنى التطهير، وبمعنى النمو. قال تعالى: * (قد أفلح من زكاها) * (1) أي طهرها. ويقال: زكا الزرع إذا نما. وجاءت أيضا فيها بمعنى المدح، قال تعالى: * (فلا تزكوا أنفسكم) * أي تمدحوها. وبمعنى البركة، ويقال: زكت النفقة: إذا بورك فيها. وبمعنى كثير الخير، يقال: فلان زاك، أي كثير الخير. (قوله: وشرعا: اسم لما يخرج) أي لقدر يخرج إلخ، وسمي بذلك للمناسبة بينه وبين المعاني اللغوية المذكورة، وذلك لان المال ينمو ببركة إخراجها ودعاء الآخذ لها، ولأنها تطهر مخرجها من الاثم، وتمدحه حين تشهد له بصحة الايمان.
والقدر المخرج عن المال هو العشر فيما سقي بما لا مؤنة فيه، أو نصفه فيما فيه مؤنة، أو ربعه في الذهب والفضة و الخمس في الركاز. أو ما ورد عن الشارع في الحيوان، كبنت مخاض عن خمس وعشرين. والقدر المخرج عن البدن، وهو صاع.
(وقوله: عن مال) هو ما سيذكره بعد بقوله النقدين إلخ. وزكاة التجارة ترجع للنقد لأنها تقوم به، ثم إن المال المذكور بعضه حولي وبعضه غير حولي - كما ستعرفه. (وقوله: أو بدن) أي أو ما يخرج عن البدن، وهو صاع زكاة الفطر. ولا يشترط حول لوجوبها عمن ولد قبل الغروب. (وقوله: على الوجه الآتي) أي من وجود الشروط، وانتفاء الموانع، ونية الدافع. (قوله: وفرضت زكاة المال في السنة الثانية) اختلف في أي شهر منها. والذي قال شيخنا البابلي أن المشهور عن المحدثين أنها فرضت في شوال من السنة المذكورة. اه. بجيرمي. (قوله: بعد صدقة الفطر) أي بعد فرض صدقة الفطر، لأنها فرضت قبل العيد بيومين في السنة الثانية أيضا - كما في المواهب اللدنية. (قوله:
ووجبت) أي زكاة المال. (قوله: في ثمانية أصناف من المال) أي بعد النقدين صنفين، والانعام ثلاثة، وعروض التجارة داخلة في النقدين، لأنها تقوم بهما - كما علمت - وترجع هذه الثمانية إلى ضربين: ما يتعلق بالقيمة - وهو زكاة التجارة - وما يتعلق