باب الصوم شروع في الركن الرابع من أركان الاسلام. (قوله: هو لغة الامساك) أي عن المفطر، أو عن الكلام، أو غيرهما.
ومنه قوله تعالى - حكاية عن مريم - * (إني نذرت للرحمن صوما) * (2) أي إمساكا وسكوتا عن الكلام. وقول العرب: فرس صائم: أي واقف، ممسك عن المشي. قال النابغة الذبياني:
خيل صيام، وخيل غير صائمة * تحت العجاج، وأخرى تعلك اللجما أي خيل ممسكة عن السير والكر والفر. وخيل غير صائمة، أي غير ممسكة عن ذلك، بل سائرة. ومعنى تعلك اللجما: أي تمضغها، متهيئة للسير والكر والفر. (قوله: وشرعا) مقابل قوله لغة. (قوله: إمساك عن مفطر) أي جنسه، كوصول العين جوفه، والجماع. ومعنى الامساك عنه: تركه، والكف عنه. (وقوله: بشروطه الآتية) انظر ما المراد بها؟
فإن كان مراده بها ما ذكره بقوله على كل مكلف مطيق له: فيرد عليه أنها في خصوص من يجب عليه صوم رمضان، والتعريف لمطلق صوم. وإن كان مراده بها النية: فيرد عليه أنها فرض، كما قال: وفرضه نية. وأيضا: لو سلم أن المراد بالفرض ما لا بد منه، فيشمل الشرط، فهي شرط واحد، لا شروط. فالأولى والاخصر أن يقول - كغيره - وشرعا: إمساك عن مفطر على وجه مخصوص، لان ما ذكر هو حقيقة الصوم، والتعاريف تبين الحقائق، ويدخل تحت على وجه مخصوص: النية - التي هي الركن الثالث - وسائر الشروط والأركان. (قوله: وفرض) أي الصوم. (قوله: في شعبان) قال ع ش: لم يبين - كابن حجر - هل كان ذلك في أوله أو آخره أو وسطه فراجعه. اه. (قوله: في السنة الثانية من الهجرة) أي فيكون (ص) صام تسع رمضانات، لان مدة مقامه بالمدينة عشر سنين، والتسع كلها نواقص إلا سنة فكاملة - على المعتمد -. والناقص: كالكامل في الثواب المرتب على رمضان، من غير نظر لأيامه. أما ما يترتب على يوم الثلاثين من ثواب واجبه ومندوبه عند سحوره وفطوره، فهو زيادة يفوق الكامل بها الناقص. (قوله: وهو) أي الصوم المفروض الذي هو صوم رمضان. (قوله: من خصائصنا) وعليه فيحمل التشبيه في قوله تعالى: * (كما كتب على الذين من قبلكم) * (3) على مطلق الصوم، دون قدره وزمنه. وقيل إنه ليس من الخصوصيات، بحمل التشبيه على حقيقته، لأنه قيل: ما من أمة إلا وقد فرض عليهم رمضان، إلا أنهم ضلوا عنه. قال الحسن: كان صوم رمضان واجبا على اليهود، ولكنهم تركوه وصاموا بدله يوما من السنة، وهو يوم عاشوراء، زعموا أنه يوم أغرق الله تعالى فيه فرعون، وكذبوا في ذلك الصادق