(فصل في صلاة الجمعة) أي في بيان شرائط وجوبها، وشرائط صحتها، وبيان آدبها. وهي من خصائص هذه الأمة، وليست ظهرا مقصورا وإن كان وقتها وقته وتتدارك به، بل صلاة مستقلة لأنه لا يغني عنها، ولقول سيدنا عمر - رضي الله عنه -: الجمعة ركعتان تمام غير قصر، على لسان نبيكم (ص) - وقد خاب من افترى. رواه الإمام أحمد وغيره. وميم الجمعة: تضم، وتسكن، وتفتح، وحكي كسرها. وجمعها: جمعات. وهذه اللغات في اسم اليوم. وأما اسم الأسبوع، فهو بالسكون، لا غير.
(قوله: هي فرض عين) أي لقول الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) *. وجه الدلالة أن المراد بالذكر فيها الصلاة مجازا، وقيل: الخطبة، فأمر بالسعي. وظاهره الوجوب، وإذا وجب السعي وجب ما يسعى إليه. ونهى عن البيع، وهو مباح، ولا ينهى عن فعل المباح إلا لفعل واجب، ولقول النبي (ص): رواح الجمعة واجب على كل محتلم. وقوله عليه السلام: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض. (قوله: عند اجتماع شرائطها) أي شرائط وجوبها، من الذكورة، والحرية، والصحة، والاستيطان. وشرائط صحتها، من كونها تقام في البلد، ووقوعها بأربعين، وغير ذلك مما يأتي.
(قوله: وفرضت بمكة) أي ليلة الاسراء، وعورض هذا بقول الحافظ ابن حجر: دلت الأحاديث الصحيحة على أن الجمعة فرضت بالمدينة. ويمكن حمل قوله فرضت بالمدينة على معنى أنه استقدر وجوبها عليهم فيها، لزوال العذر الذي كان قائما بهم. (والحاصل) أنها طلب فعلها بمكة لكن لم يوجد فيها شرائط الوجوب. ووجدت في المدينة، فكأنهم لم يخاطبوا بها إلا فيها. أفاده ع ش. (قوله: ولم تقم) أي الجمعة. (وقوله: بها) أي بمكة. (وقوله: لفقد العدد) أي استكمال العدد الذي هو شرط في وجوبها. (قوله: أو لان شعارها الاظهار) فيه نظر، لان هذا ألا يسقط الجمعة ا. ه. بجيرمي. (قوله: وكان إلخ) الجملة حالية، وهي من تتمة التعليل.
(وقوله: مستخفيا فيها) أي في مكة. (قوله: بالمدينة) أي بجهة المدينة، أو أن المدينة تطلق على ما قرب منها، وإلا نافى في قوله بقرية على ميل من المدينة.
(قوله: بقرية) بدل من قوله بالمدينة،. ويقال لهذه القرية نقيع الخضمات لبني بياضة بطن من الأنصار، وكانوا