فرع دار في يد رجل ادعاها آخران، وأقام أحدهما بينة أنها له، غصبها منه المدعى عليه، وأقام الآخر بينة أن من في يده أقر بها له، فلا منافاة بينهما، فثبت الملك والغصب بالبينة الأولى، ويلغو إقرار الغاصب لغير المغصوب منه.
فصل بينة المدعي لا توجب ثبوت الملك له، ولكنها تظهره فيجب أن يكون الملك سابقا على إقامتها، لكن لا يشترط السبق بزمان طويل يكفي لصدق الشهود لحظة لطيفة، ولا يقدر ما لا ضرورة إليه، فلو أقام بينة بملك دابة أو شجرة، لم يستحق النتاج والثمرة الحاصلين قبل إقامة البينة، والثمرة الظاهرة عند إقامة البينة تبقى للمدعى عليه، وفي الحمل الموجود عند إقامتها وجهان، أصحهما:
يستحقه المدعي تبعا للام، كما في العقود، والثاني: لا، لاحتمال كونه لغير مالك الام بوصية. ومقتضى هذا الأصل أن من اشترى شيئا، فادعاه مدع، وأخذه منه بحجة مطلقة لا يرجع على بائعه بالثمن، لاحتمال انتقال الملك من المشتري إلى المدعي، وتكون المبايعة صحيحة مصادفة محلها، لكن الذي أطبق عليه الأصحاب ثبوت الرجوع، بل لو باع المشتري أو وهب، وانتزع المال من المتهب أو المشتري منه، كان للمشتري الأول الرجوع أيضا، وسبب الحاجة إليه في عهدة العقود، ولان الأصل أن لا معاملة بين المشتري والمدعي، ولا انتقال منه، فيستدام الملك المشهود به إلى ما قبل الشراء، وعن القاضي حسين وجه أنه لا رجوع إذا كان دعوى المدعي ملكا سابقا وفاء بالأصل المذكور، وحمل ما أطلقه الأصحاب عليه، وحكى الهروي وجها أن قيام البينة يقتضي سبق الملك حتى يكون النتاج للمدعي.