عليك وأقيم البينة في وجهك، فإن علم أنه وكيل، وأراد أن لا يخاصم، فليعزل نفسه، وإن لم يعلم، فينبغي أن يقول: لا أعلم أني وكيل ولا يقول: لست بوكيل فيكون. مكذبا لبينة قد تقوم بالوكالة، وهل للمدعي إقامة البينة على وكالة من تعلق به؟ وجهان أحدهما: نعم ليستغني عن ضم اليمين إلى البينة، وليكون القضاء مجمعا عليه، وأصحهما: لا، لأن الوكالة حق له، فكيف يقام بينة بها قبل دعواه.
الطرف الثالث في كتاب القاضي إلى القاضي، فالقاضي بعد سماع الدعوى والبينة على الغائب قد يقتصر عليه، وينهي الامر إلى قاضي بلد الغائب ليحكم ويستوفي، وقد يحلفه كما سبق، ويحكم وعلى التقدير الثاني قد يكون للغائب مال حاضر يمكن أداء الحق منه فيؤدى، وقد لا يكون كذلك، فيسأل المدعي القاضي إنهاء الحكم إلى قاضي بلد الغائب، فيجيبه إليه. وللانهاء طريقان، أحدهما: أن يشهد على حكمه عدلين يخرجان إلى ذلك البلد، والأولى أن يكتب بذلك كتابا أولا، ثم يشهد، وصورة الكتاب: حضر فلان، وادعى على فلان الغائب المقيم ببلد كذا، وأقام عليه شاهدين وهما فلان وفلان، وقد عدلا عندي، وحلفت المدعي، وحكمت له بالمال، فسألني أن أكتب إليك في ذلك فأجبته، وأشهدت بذلك فلانا وفلانا. ولا يشترط تسمية الشاهدين على الحكم، ولا ذكر أصل الاشهاد، ولا تسمية شهود الحق، بل يكفي أن يكتب: شهد عندي عدول ويجوز أن لا يصفهم بالعدالة، ويكون الحكم بشهادتهم تعديلا لهم، ذكره في العدة، ويجوز أن لا يتعرض لأصل الشهادة، فيكتب: حكمت بكذا بحجة أوجبت الحكم، لأنه قد يحكم بشاهد ويمين وقد يحكم بعلمه إذا جوزناه، وهذه حيلة يدفع بها القاضي قدح الحنفية إذا حكم بشاهد ويمين. وفي فحوى كلام الأصحاب وجه ضعيف مانع من إبهام الحجة، لما فيه من سد باب الطعن والقدح على الخصم.