وقال ابن قتيبة رض الرجل نفسه، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون، إنما هو عرق يخرج من أعراضهم مثل المسك أي أبدانهم. واحتج بهذا الحديث المذكور (تصدقت بعرضي) أي بنفسي وأحللت من يغتابني. قال ولو كان العرض الأسلاف لما جاز له أن يحل من يغتابهم وله كلام يطول.
قوله (العار يلحق بالعشيرة) هم القبيلة.
قوله (لم يؤمن أن يحيف) الحيف الجور والظلم وقد ذكر مرارا، وأصل التشفي من شفاه الله من المرض إذا زال عنه، فكأنه يزول ما يجد من الغيظ والحزن. قوله (جعل للردع) الردع الكف، ردعته فارتدع أي كففته فانكف قوله (وما يجب بالقذف من الحد) قال ابن رشد وأما سقوطه فإنهم اختلفوا في سقوطه بعفو القاذف، فقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يصح العفو أي لا يسقط الحد، وقال الشافعي يصح العفو أي يسقط الحد بلغ الامام أو لم يبلغ وقال قوم إن بلغ الامام لم يجز العفو، وإن لم يبلغه جاز العفو، واختلف قول مالك في ذلك، فمرة قال بقول الشافعي ومرة قال يجوز إذا لم يبلغ الامام، وان بلغ لم يجز الا أن يريد بذلك المقذوف الستر على نفسه. وهو المشهور عنهم.
والسبب في اختلافهم هل هو حق لله أو حق للآدميين أو حق لكليهما، فمن قال حق لله لم يجز العفو كالزنا، ومن قال حق للآدميين أجاز العفو، ومن قال لكليهما وغلب حق الامام إذا وصل إليه قال بالفرق بين أن يصل الامام أو لا يصل وقياسا على الأثر الوارد في السرقة، وعمدة من رأى أنه حق للآدميين وهو الأظهر أن المقذوف إذا صدقه فيما قذفه به سقط عنه الحد.
قال ابن حزم فنظرنا في قول مالك فوجدناه ظاهر التناقض، وكذا قول أبي حنيفة ثم قال فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام حد القذف ولم يشاور عائشة أن تعفو أم لا، فلو كان لها في ذلك حق لما عطله صلى الله عليه وسلم، فصح أن الحد من حقوق الله تعالى لا مدخل للمقذوف فيه أصلا ولا عفو له عنه.
قالت الحنابلة والصدقة بالعرض لا تكون الا بالعفو عما وجب له، ولأنه