صاحب مالك أن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدم إذا وطئها، وهذا قول فاسد، ومع فساده ساقط. أما فساده فإسقاطه الحد الذي أوجبه الله تعالى في الزنا، وأما سقوطه فتفريقه بين المخدمة مدة طويلة والمخدمة مدة قصيرة ويكلف تحديد تلك المدة المسقطة للحد التي يسقط فيها الحد، فإن حد مدة كان متزايدا من القول بالباطل بلا برهان، وإن لم يحد شيئا كان محرما موجبا شارعا مالا يدرى فيما لا يدرى، وهذه تخاليط نعوذ بالله منها.
والحد كامل واجب على المخدم والمخدمة ولو أخدمها عمر نوح في قومه لأنه زنا وعمر من ليست له فراشا. ثم قال من زنى بامرأة ثم تزوجها لم يسقط الحد بذلك، لان الله تعالى قد أوجبه عليه فلا يسقطه زواجه إياها، وكذلك إذا زنى بأمة ثم اشتراها، وهو قول جمهور العلماء وقال أبو حنيفة لا حد عليه في كلتا المسألتين، وهذه من تلك الطوام.
قال الشوكاني بعد أن أورد حديث البراء (لقيت خالي ومعه الراية فقلت أبن تريد، قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعد أن أضرب عنقه وآخذ ماله، رواه الخمسة ولم يذكر ابن ماجة والترمذي أخذ المال. وأخرج أبو داود عن البراء بينما أطوف على إبل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معهم لواء، فجعل الاعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلا فضربوا عنقه، فسألت عنه فذكروا أنه أعرس بامرأة أبيه) ثم أورد الاختلافات في الروايات، ثم قال وللحديث أسانيد كثيرة منها ما رجاله رجال الصحيح، والحديث فيه دليل على أنه يجوز للامام أن يأمر بقتل من خالف قطعيا من قطعيات الشريعة، ثم قال ولكنه لابد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله عالم بالتحريم وفعله مستحلا وذلك من موجبات الكفر والمرتد يقتل، وفيه أيضا متمسك لقول مالك أنه يجوز التعزير بالقتل، وفيه دليل أيضا على أنه يجوز أخذ مال من ارتكب معصية مستحلا لها بعد إراقة دمه.