إذا اشتد وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم قال الخطابي زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب، فيقال لهم إن الصحابة الذين سموا غير المتخذ من العنب خمرا عرب فصحاء، فلو لم يكن هذا الاسم صحيحا لما أطلقوه اه وروى ابن عبد البر عن أهل المدينة وسائر الحجازيين وأهل الحديث كلهم أن كل مسكر خمر. وقال القرطبي الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها وكثرتها تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب. وما كان من غيره لا يسمى خمرا ولا يتناوله اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب وللسنة الصحيحة وللصحابة، لأنهم لما نزل تحريم الخمر فهموا من الامر بالاجتناب تحريم كل ما يسكر، ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره، بل سووا بينهما وحرموا كل ما يسكر نوعه ولم يتوقفوا ولم يستفصلوا ولم يشكل عليهم شئ من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان عندهم تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستفصلوا ويتحققوا التحريم.
واختلفوا في مقدار الحد الواجب، فقال الجمهور الحد في ذلك ثمانون: وقال الشافعي وأبو ثور وداود الحد في ذلك أربعون، وقالت الحنابلة من شرب مسكرا مائعا أو استعط به أو احتقن به، أو أكل عجينا ملتوتا به ولو لم يسكر حد ثمانين إن كان حرا وأربعين إن كان رقيقا.
واختلفوا في حد العبد، فقال الجمهور هو على النصف من حد الحر، وقال أهل الظاهر حد الحر والعبد سواء وهو أربعون، وعند الشافعي عشرون، وعند من قال ثمانون أربعون.
وادعى القاضي عياض الاجماع على مشروعية حد الشرب، وقال في البحر (مسألة) ولا ينقص حد الشرب عن الأربعين اجماعا، وذكر أن الخلاف إنما هو في الزيادة على الأربعين، وحكى ابن المنذر والطبري وغيرهما عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها وإنما فيها التعزير.
وإذا مات رجل بحد من الحدود لم يلزم الامام ولا نائبه القصاص الا حد