في ذلك، وأما المملوكات فالواجب خمسون جلدة لقوله تعالى (فإن أتين بفاحشة) وهذا في الأمة ثم العبد في معناها، وأما المحصن من الأحرار فعليه الرجم دون الجلد، ومن العلماء من يقول يجلد مائة ثم يرجم.
ثم قال في مكان آخر فإن زنى بالغ بصبية أو عاقل بمجنونة أو مستيقظ بنائمة فإن ذلك من جهة الرجل زنى فهذا زان نكح غير زانية، ثم قال قلنا هو زنى من كل جهة إلا أن أحدهما سقط فيه الحد والاخر ثبت فيه.
قال الشوكاني: والحاصل أن أحاديث التغريب قد جاوزت حد الشهرة المعتبرة عند الحنفية فيما ورد من السنة زائدا على القرآن، فليس لهم معذرة عنها بذلك وقد عملوا بما هو دونها، وقد أجاب صاحب البحر عن أحاديث التغريب بأنه عقوبة لا حد، ويجاب عن ذلك بالقول بموجبه، فإن الحدود كلها عقوبات، والنزاع في ثبوته لا في مجرد التسمية.
(قلت) فإن العلماء اختلفوا هل يجلد من وجب عليه الرجم، وقال الحسن البصري وإسحاق وأحمد وأبو داود (الزاني المحصن يجلد ثم يرجم) عمدة الجمهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ورجم امرأة من جهينة ورجم يهوديين وامرأة من عامر من الأزد، كل ذلك مخرج في الصحاح ولم يرو أنه جلد واحد منهم.
ومن جهة المعنى أن الحد الأصغر ينطوي في الحد الأكبر، وذلك أن الحد إنما وضع للزجر فلا تأثير للزجر بالضرب مع الرجم. وعمدة الفريق الثاني عموم قوله تعالى (الزانية والزاني...) فلم يخص محصن من غير محصن.
واحتجوا أيضا بحديث علي رضي الله عنه خرجه مسلم وغيره أن عليا رضي الله عنه جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله.
وأما الاحصان فإنهم اتفقوا على أنه من شرط الرجم، واختلفوا في شروطه فقال مالك البلوغ والاسلام والحرية والوطئ في عقد صحيح وحالة جائز فيها الوطئ والوطئ المحظور هو عنده الوطئ في الحيض أو في الصيام، فإذا زنا بعد الوطئ الذي هو بهذه الصفة وهو بهذه الصفات فحده الرجم.