(فصل) فإذا أذن له من ولاه أن يستخلف فله أن يستخلف، وإن نهاه عن الاستخلاف لم يجز له أن يستخلف لأنه نائب عنه فتبع أمره ونهيه، وإن لم يأذن له ولم ينهه نظرت فإن كان ما تقلده يقدر أن يقضى فيه بنفسه ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه يجوز أن يستخلف لأنه ينظر في المصالح فجاز أن ينظر بنفسه وبغيره (والثاني) وهو المذهب انه لا يجوز لان الذي ولاه لم يرض بنظر غيره، وإن كان ما ولاه لا يقدر أن يقضى فيه بنفسه لكثرته جاز أن يستخلف فيما لا يقدر عليه، لان تقليده لما لا يقدر عليه بنفسه إذن له في الاستخلاف فيما لا يقدر عليه كما أن توكيل الوكيل فيما لا يقدر عليه بنفسه إذن له في استنابة غيره، وهل له ان يستخلف فيما يقدر عليه ان يقضى فيه بنفسه فيه وجهان (أحدهما) أن له ذلك لان ما جاز له أن يستخلف في البعض جاز أن يستخلف في الجميع كالامام (والثاني) أنه لا يجوز لأنه إنما أجيز له أن يستخلف فيما لا يقدر عليه للعجز فوجب أن يكون مقصورا على ما عجز عنه.
(فصل) ولا يجوز أن يقضى ولا يولى ولا يسمع البينة ولا يكاتب قاضيا في حكم في غير عمله، فإن فعل شيئا من ذلك في غير عمله لم يعتد به لأنه لا ولاية له في غير عمله فكان حكمه فيما ذكرناه حكم الرعية.
(فصل) ولا يحكم لنفسه وإن اتفقت له حكومة مع خصم تحاكما فيها إلى خليفة له لان عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحاكم مع أبي بن كعب إلى زيد بن ثابت وتحاكم عثمان رضي الله عنه مع طلحة إلى جبير بن مطعم، وتحاكم علي عليه السلام مع يهودي في درع إلى شريح، ولأنه لا يجوز أن يكون شاهدا لنفسه فلا يجوز أن يكون حاكما لنفسه ولا يجوز أن يحكم لوالده وإن علا ولا لولده وان سفل وقال أبو ثور يجوز، وهذا خطأ لأنه متهم في الحكم لهما كما يتهم في الحكم لنفسه وان تحاكم إليه والده مع ولده فحكم لأحدهما فقد قال بعض أصحابنا انه يحتمل وجهين (أحدهما) أنه لا يجوز كما لا يجوز إذا حكم له مع أجنبي (والثاني) أنه يجوز لأنهما استويا في التعصيب فارتفعت عنه تهمة الميل، وان أراد أن يستخلف في أعماله والده وولده جاز لأنهما يجريان مجرى نفسه، ثم يجوز أن يحكم في أعماله فجاز أن يستخلفهما للحكم في أعماله، وأما إذا فوض الامام إلى رجل ان يختار