مقتضى الوقف ومساعدة الحال، فلا بأس ان نشير الى مافى كلمات السائل من الاشكالات والغفلات. وهى امور:
الاول: الاشكال الحاصل من جهالة حال الواقف بالخصوص والسؤال عن " إن الاصل في الانسان الكفر او الاسلام " ثم " الاصل في الاسلام الايمان او اعم ".
والتحقيق انك ان اردت من الاصل، الاستصحاب واستمرار العدم الازلى، فهو لا يقتضى الكفر ولا الاسلام، بل الاصل عدمهما جميعا. اذ التحقيق ان الكفر امر وجودى اختيارى من فعل المكلف. وان كان من جهة اسمتراره لعدم العقائد الحقة، السابق الازلى والالم يستحق العقاب، ولا يتوجه لزوم العتاب على الاطلاق، ولا يناسبه الوعيد الشديد انهم خالدون في جهنم، ذا لم يكن معهم الا العدم الازلى المستمر. مثل من كان في اقصى بلاد الكفر ولم يستمع باسم نبى ولا وصى ولا شرع ولادين، ولم يتفطن لوجوب تحصيل الشرائع.
غاية الامر انه حصل بفطرته وجود صانع في الجملة وان كان جسما متحيزا في السماء. فان مقتضى العدل وقواعد الامامية، قبح تكليف الغافل والجاهل بالمرة، و [قبح] تكليف ما لا يطاق. والقول بعدم تحقق مثل هذا الفرض، والقول بان الله تعالى لم يبق احدا من عباده الا واوضح له جميع سبل الاسلام، مكابرة صرفة. وقد حققنا هذا المطلب في القوانين. فاذن نقول: الاصل عدم الكفر ايضا كما ان الاصل عدم الاسلام. وان الكفر امر وجودى وهو الانكار صريحا، او استمرار عدم الاعتقاد بالعقائد الحقة مسامحة ومجادلة.
واما ماذكره بعض المتكلمين من انه " عدم الملكة ": فالظاهر انهم ارادوا عدمها بالنسبة الى الجنس القريب كالعمى للانسان دون العقرب. فالكفر عدم الاسلام ممن شأنه الاسلام من المتنبهين المتفطنين القابلين له بالفعل. لاعدمه ممن لم يبلغ هذه المرتبة ايضا. او ان مرادهم تعريف الكافر الذى يجرى عليه الاحكام الفقهية من النجاسة وحرمة المناكحة والذبيحة وجواز القتل والسبى، وغير ذلك لا الاحكام الاخروية من التعذيب والخلود في النار. فالايات الواردة في العذاب انما هو للمقصرين، ولا استحالة في اثبات احكامهم الفقهية لغير المقصرين ايضا، كما حكم الله بنجاسة الكلب والخنزير من بين سائر الحيوانات. اذ تلك الاحكام من