الراوي وضبطه وملاقاته لمن يروى عنه، وسليمان هو ممن لم يتفق العلماء على وثاقته، إذ قال عنه ابن حنبل وابن أبي شيبة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: متقارب، وإن هذه التعابير تشعر بعدم توفر شريطة الضبط فيه، وهي كافية للقول بأن خبر سليمان ليس على شرط البخاري، فقد قال الحافظ أبي الفضل بن طاهر: إن شرط البخاري أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلا (1)!!
على أن سليمان بن بلال مع ذلك ثقة عند كثير من الأئمة، فقد وثقة ابن معين ويعقوب ابن شيبة والنسائي وابن سعد (2) وابن حبان حيث ذكره في كتاب الثقات (3).
أقول: مع ذلك فإن سليمان ممن ينظر في حديثه، وهذا لا يمنع أن يكون ثقة في نفسه، فإن تليين أبي حاتم وأحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وكذا قول الذهلي فيه بأنه كثير الرواية مقارب الحديث (4). لا يمنع من أن يكون ثقة في نفسه حتى ولو كان لين الحديث مقاربه.
إن قلت: أن التعديل والتوثيق يقدم على التليين - كما في مقامنا - فمن اللغو النظر في حديث سليمان مع الاتفاق على تقديم التعديل!
قلنا: هذا صحيح، إلا أننا بسطنا القول في سليمان - كما رأيت - وفي أمثاله - كما سيأتي - لوجود مرويات أخرى عن ابن عباس في الوضوء المسحي قوية، لها إمكانية التعارض مع رواية سليمان هذه، فبيان حال سليمان هنا ينفع في الترجيح، كما سيأتي مفصلا، أضف إلى ذلك، أ ن الرواة اختلفوا في الرواية عن زيد بن أسلم - كما سيتضح لك - فلا بد إذن من إعمال المرجحات للوقوف على الأصح.
الثانية: من جهة زيد بن أسلم، فإن الاحتجاج به مشكل جدا، لأنه كان قليل الحفظ، على ما هو صريح سفيان بن عيينة، فقد قال: كان صالحا، وكان في حفظه