يحيى بن معين والقواريري مما يجرحه، وما رأيت أحدا ذكره إلا بخير وصدق (1).
أقول: إذا كان التكذيب بهذه الصورة لا يجرحه فأي شئ يجرحه في الدنيا؟
وحاصل القول في بندار هو عدم إمكان الاحتجاج به لأن الجرح والتكذيب - بالشكل المتقدم - يقدم على التعديل.
وخلاصة القول: في هذا الطريق، أنه يطعن فيه من عدة جهات:
الأولى: من جهة ابن المثنى الذي قال النسائي عنه: لا بأس به، كان يغير في كتابه، وقول صالح بن محمد الحافظ: صدوق اللهجة، وإن في عقله شئ، وقول أبي حاتم: صالح الحديث، صدوق.
وهذه الأقوال المتقدمة - في مرويات علي بن أبي طالب - تقتضي في نفسها عدم إمكان الاحتجاج به من دون متابعة.
الثانية: من جهة ابن بشار - بندار - المارة ترجمته قبل قليل.
الثالثة: من جهة محمد بن جعفر المعروف بغندر كما وضحناه سابقا.
وهذه الطعون - وإن كانت طعون - لكنها لم تكن الأساسية فيه، لوجود تابع صحيح إلى منصور بن المعتمر من رواية مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور، وحق الطعن فيه بما بعد منصور، فقد قدمنا إليك سابقا أن أبا يحيى الأعرج مما لا يمكن الاحتجاج بمروياته من دون تابع صحيح، لأنه قد تكلم فيه، وأحسن شئ قيل فيه ما قاله ابن حجر من أنه مقبول.
وعلى أي حال فإن القول بأن الطريق الأول حسن غير بعيد، ولكن لا يمكن الاحتجاج به من دون تابع يجعله يرتقى إلى تلك المرتبة. هذا من جهة السند، إلا أن الالتزام به من جهة الدلالة لمن أشكل المشكلات: إذ لا دلالة فيه على الغسل لا من قريب ولا من بعيد، بل يمكن أن يقال أنه ينفع دليلا على المسح، على ما سيأتي توضيحه لاحقا.