اعتبارا - بالنظر البدوي - وهي معارضة بما روي عنه في المسح فقد رأينا من الضروري بيان وجه التعارض بينهما وكيفية الجمع - إن أمكن - فنقول:
من الطبيعي نكران ثبوت الغسل والمسح عن علي معا، وذلك لإيماننا بأن حكم الأرجل هو تعييني لا تخييري وقد وقفت سابقا على نصوص الصحابة والتابعين واختلافهم في الوضوء بين غاسل وماسح.
وإن قبولنا بصدورهما عنه (عليه السلام) يلزمنا قبول كونه مخطئا في أحد الفعلين - الغسل أو المسح - ومترددا في أحدهما، وكلاهما بعيد، لأن ما روي عن علي في الوضوء - سواء في الغسل أو المسح - إنما كان في الكوفة وفي خصوص رحبتها وأيام خلافته، وبعد صلاة الغداة، والعادة تقتضي باستحالة صدور كلا الفعلين عن شخص كعلي الذي هو أول الناس إسلاما وأسبقهم إيمانا وصلاة مع رسول الله وأشدهم قربا وقرابة له، في واقعه واحدة.
بل كيف لا يعرف علي الوضوء الصحيح لمدة تقرب من ثلاثين سنة؟ وهو الذي قال فيه رسول الله (إنه أذن واعية)؟
بل كيف يفعلهما معا في حين نعلم أن حكم الوضوء تعييني لا تخييري؟
نعم هناك من قال بلزوم الجمع بين الغسل والمسح احتياطا، أو الأخذ بأحدهما تخييرا، إلا أنه شذوذ من القول لم يعتد به أهل الإسلام كما وضحناه.
فإذا فهمت ذلك فاعلم:
إن الأسانيد الغسلية عن علي تتوجه عليها عدة إشكالات لا يمكن الإجابة عنها أهمها:
أنها مرجوحة سندا. بخلاف الأسانيد المسحية التي هي راجحة والتي لا يتوجه عليها إشكال محكم.
وكذلك فإن المرويات الغسلية يلاحظ - مع الدقة - أنها مضطربة في متونها.
بخلاف المسحية التي هي صريحة الدلالة والمعنى فيه.
ولما كان أهم سند روي عن علي في الغسل هو ما رواه خالد بن علقمة عن عبد خير. وهو معارض لما روي عنه في المسح فكان لا بد من بيان ما هو الأرجح من المقام، فنقول: