وعليه فيكون احتمالا لا يلزمنا الأخذ به، لإمكان أن يحتمل في مقابله أنهما راويان كما سيأتي من استظهار العلامة أحمد محمد شاكر، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: إنا نستبعد جدا أن يصحف شعبة خالدا بمالك وعلقمة بعرفطة، وهو الإمام النقاد في الحديث والرجال، لأنه تصحيف شنيع، ونحن لا نسلم أن يصحف إنسان - حتى العادي من عوام الناس إذا كان سويا - خالد بن علقمة إلى مالك بن عرفطة، فكيف نتصور هذا عن إمام ثبت.
ولو كان التصحيف في مورد واحد لأمكننا قبول كلامهم إلا أننا وجدنا كثيرا من الأعلام قد رووا عن شعبة أنه يروي عن مالك بن عرفطة، وهم:
- عبد الله بن المبارك (كما في سنن النسائي، كتاب الطهارة ج 92) - يزيد بن زريع (كما في سنن النسائي كتاب الطهارة ح 93) - محمد بن جعفر المعروف ب (غندر) (كما في سنن أبي داود، كتاب الطهارة ح 99، ومسند أحمد ح 24228 باقي مسند الأنصار) - يحيى بن سعيد القطان (كما في مسند أحمد ح 942 مسند العشرة المبشرة بالجنة) - حجاج بن محمد المصيصي (كما في مسند أحمد ح 1117 مسند العشرة المبشرة بالجنة وفي باقي مسند الأنصار ح 24228) - روح بن عبادة بن العلاء (كما في مسند أحمد ح 24878 باقي مسند الأنصار) ورواية هؤلاء عن شعبة يعني أنهم سمعوا منه، ولا يعقل أن يتكرر خطأ شعبة عدة مرات مع ستة محدثين وهو الإمام الحافظ المتثبت.
ويدلك على استبعاد تصحيف شعبة، أنه كان لا يحدث غيره بما سمعه عن أشياخه لو كان سماعه مرة أو مرتين، وإليك بعض النصوص في ذلك:
قال حماد بن زيد: إذا خالفني شعبة في الحديث تبعته. قيل له: ولم؟ قال: إن شعبة كان يسمع ويعيد ويبدي وكنت أنا أسمع مرة واحدة (1).
وقال يعقوب ابن شيبة: يقال إن شعبة إذا سمع الحديث مرتين لم يعتد به (2).