فإن قال: إنما أفرده لأن في حديثه قرينة تمنع من التأويل بالغسل، وهي قوله (ومسح بأسفل الكعبين) (1).
قلنا: قد جمعت بينهما في باب المسح على النعل وأولت الحديثين بهذا التأويل حيث قلت: ورواه عبد العزيز وهشام عن زيد، فحكيا في الحديث رشا على الرجل وفيه النعل، وذلك يحتمل أن يكون غسلهما في النعل.
ثم قلت: والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير، فأحد الأمرين يلزمك إما جمعهما بهذا التأويل في كتاب المعرفة في هذا الباب، بخلاف ما فعل ها هنا (2)...
وهذا البحث من الأعلام في وجه دلالة خبر هشام يؤكد اضطرابه، ونحن لا نرى وجها لكلام ابن التركماني بعد أن عرفنا توقف ابن حجر والبيهقي وغيرهما في الخبر، وهم أذق من ابن التركماني رواية وأكثر إحاطة بوجوه التأويل والتفسير!!.
والحاصل: فإنه لم يعد بخاف عليك أن ما رواه زيد بن أسلم مضطرب متنا، لاختلاف متون الروايات التي رواها عنه الرواة، وهذا الاضطراب كاف في التوقف عن الاحتجاج بها.
ثم لما عارضت هذه الروايات رواية المسح التي هي أصح سندا وأصرح دلالة، كان لا مفر من الحكم بكونها مرجوحة من جميع الجهات، ولذا قلنا: أن ما رواه زيد بن أسلم لا يعدو أن يكون شاذا أو منكرا وبخاصة لو لاحظنا أن سيرة ابن عباس المقطوع بها هي المسح لا الغسل.
كان هذا مجمل القول في متون الروايات الغسلية.
والآن مع الروايات المسحية عن ابن عباس، فنجمل القول فيها بعدة نقاط:
الأولى: اتفاق النصوص المسحية في صراحة المسح عن ابن عباس - بخلاف الغسلية - إذا المسحية كلها تشير إلى حقيقة واحدة، وهي أن الوضوء ما هو إلا