لكن الروايتين - مضافا إلى ضعفها بالارسال - لا دلالة فيهما على فوت السارق عن السلطان أولا، وأن القضية التي صدرت من أمير المؤمنين عليه السلام في حق السارق قضية في واقعة ثانيا وأن قتله بالقاءه تحت أقدام الناس كان لماذا؟ وأنه هل كان لأجل فساده في الأرض بسبب كثرة نبشه لقبور المسلمين أو لأجل الزنا مع الميتة أو لغير ذلك من ردع غيره عن هذا العمل القبيح؟ وحيث إنه لا يعلم وجه صدور هذا الحكم منه عليه السلام لا يمكن الافتاء بظاهر هذه الرواية - مضافا إلى أن من أفتى بمضمون الرواية قال بجواز ذلك دون الالزام مع أن ظاهر الروايتين هو الالزام.
ثم إن القبر ليس حرزا لغير الكفن فلو جعل مع الميت الأشياء الثمينة كالخاتم والذهب والجواهر فلا يقطع السارق إذا سرق ذلك لأنه ليس في حرز، فإن المتعارف بين الناس لم يكن إحراز أموالهم بواسطة الدفن بالدفن مع الأموات كما هو واضح نعم العمامة من الكفن أيضا وإن كان من أجزاءه المستحبة فلو سرقها يقطع بذلك إذا بلغت قيمتها نصابا (الثالث (من مباحث السرقة) في ما تثبت به) قال المحقق في الشرائع: وتثبت بشهادة عدلين وبالاقرار مرتين ولا تكفي المرة، ويشترط في المقر البلوغ وكمال العقل والحرية والاختيار فلو أقر العبد لم يقطع لما يتضمن من إتلاف مال الغير وكذا لو أقر مكرها