فيه ومؤثر، ولا تحقق لنسبة ما بنفسها فتحققها بغيرها، ولا يجوز ان يكون ذلك الغير هو الوجود فحسب، فان الوجود لا يظهر عنه مالا وجود له ولا يظهر عنه أيضا عينه على النحو الحاصل لما تقرر من قبل.
ولما كان أمر الكون كما سنبين محصورا بين وجود ومرتبته، وتعذر إضافة الأثر إلى الوجود الظاهر لما مر، تعين اضافته إلى المرتبة ومرتبة الوجود المطلق الألوهية، وإليها وإلى نسبها المعبر عنها بالأسماء يستند الآثار، والمراتب كلها أمور معقولة غير موجودة في أعيانها، فلا تحقق لها الا في العلم، كاعيان الممكنات قبل انصباغها بالوجود العالم المشترك بينها، وبما ذكرنا من أمر المراتب تتميز عن الأرواح والصور، فان الأرواح والصور، لها وجود في أعيانها، بخلاف المراتب، وكذلك سائر النسب فافهم. فلا اثر الا لباطن، وان أضيف إلى ظاهر لغموض سره وصعوبة ادراكه بدون ظاهر، فمرجعه في الحقيقة أعني الأثر إلى أمر باطن من ذلك الظاهر أو فيه، فاعرف وسنذكر تتمة سر الأثر في اخر هذا الكتاب في فصل الانسان الكامل إن شاء الله.
ومنشأ الأثر الإلهي لإيجاد العالم الذي هو ينبوع سائر الآثار هو باعث المحبة الإلهية الظاهر الحكم في الوجود المقترن بأعيان الممكنات الآتي حديثها، وذلك بحسب مرتبة الألوهية وبحسب (1) نسبها المتعينة في مرتبة الامكان بأعيان المكونات فرعا واصلا، جزء وكلا، والمحبوب (2) والكمال الذي سيشار إليه وإلى حقيقة المحبة وحكمها في الموضع الأليق بذلك كله إن شاء الله.