الواحد غير الواحد - وذلك عندنا هو الوجود العالم المفاض على أعيان المكونات - ما وجد منها وما لم يوجد مما سبق العلم بوجوده (1) - وهذا الوجود مشترك بين القلم الاعلى الذي هو أول موجود المسمى أيضا بالعقل الأول وبين سائر الموجودات، ليس كما يذكره أهل النظر من الفلاسفة، فإنه ماثمة عند المحققين الا الحق والعالم، والعالم ليس بشئ زائد على حقائق معلومة لله تعالى أزلا معدومة أولا - كما أشرنا إليه من قبل - متصفة بالوجود ثانيا، والحقائق من حيث معلوميتها وعدميتها لا توصف بالجعل عند المحققين من أهل الكشف والنظر أيضا، إذ المجعول هو الموجود، فما لا وجود له لا يكون مجعولا، ولو كان كذلك لكان للعلم القديم في تعين معلوماته فيه أزلا اثر، مع أنها غير خارجة عن العالم بها، فإنها معدومة لانفسها لا ثبوت لها الا في نفس العالم بها، فلو قيل بجعلها لزم اما مساوقتها للعالم بها في الوجود أو ان يكون العالم بها محلا لقبول الأثر من نفسه في نفسه وظرفا لغيره وكل ذلك باطل (2)، لأنه قادح في صرافة وحدته سبحانه أزلا وقاض بان الوجود المفاض عرض للأشياء - موجودة لا معدومة - وكل ذلك محال من حيث إنه تحصيل للحاصل، ومن وجوه أخرى لا حاجة إلى التطويل بذكرها، فافهم.
بل الوجود واحد وانه مشترك بين سائرها مستفاد من الحق سبحانه.
ثم إن هذا الوجود الواحد العارض للمكنات المخلوقة ليس بمغاير في الحقيقة للوجود الحق الباطن المجرد عن الأعيان والمظاهر الا بنسب واعتبارات: كالظهور والتعين والتعدد