مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٣٨
فهذا أيها الانسان احكام كمالات ربك جلوتها لك في مرآة لبك فلا تغلط في نفسك فتضيف إليك ما ليس لك ولا لأبناء جنسك، فالمتشبع بما لا يملك، كلابس ثوبي زور، وإلى الله عاقبة الأمور (41 - الحج) ولنعدد الان من علامات هذا الانسان الحقيقي ما به يعرف زور المزورين وتمويه المحيرين وصدق الظافرين.
فنقول: من علاماته: معرفته قدر كل موجود يدركه حق الادراك عند الله، فيوفيه حقه ويعامله بما لو تجلى الحق بذاته ظاهرا على العموم للكافة لعامله بعين تلك المعاملة وانزله تلك المنزلة التي أنزله فيها هذا الكامل وان يصيب فيما يحكم به، وان لا يضيف إلى نفسه شيئا ابتداء، فان أضاف الحق إليه أمرا ما، اضافه إلى نفسه بالوجه الذي قد اضافه ربه إليه، لا متأخرا متنزها ولا مبادرا معتديا، ويتصرف يما مكنه التصرف فيه بيد الاستخلاف والأدب، لا بيد الملك والاستحقاق، وأن يكون مجموع الهم عليه سبحانه، لا بتعمل فارع البال - معرضا عن السوى من حيث إنه غير - لا للنزاهة والتجمل، ساكنا تحت مجارى الاقدار والاحكام الإلهية، لا بصفة التجمل، تاركا كل مطلب معين لا للتوكل، موطنا نفسه على الرضاء بما يبدو له من الغيب أو يرد عليه من غير تشجع وتجلد يقتضيان التصدي للمقاومة أو عدم الاكتراث دون اضطراب وتزلزل، هذا مع عدم التعشق والوثوق بكل محصول ومؤمل. وترك التحكم بالتحسين والتقبيح في جميع ما أدرك ويدرك وخلع من ملابس الأحوال، وبذل كل ذلك من غير حذر معنوي مانع من كمال الاحساس لكل ما دق من المعلومات اللائحة له - وجل - ومما يلزمه أيضا إحاطة علمه بجميع الحضرات الأصلية والأسماء الذاتية الكلية بحيث يعرف أصل كل مأخذ، كل اخذ عن الله بواسطة ظاهرة أو باطنة، ويعرف صورة استناده إلى ذلك الأصل وما حصل له وما بقى عليه، فان ارتقى بعد التحقق بالكمال في
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست