وكالشيخ الجليل أبي العباس الفضل بن أحمد فإنه هو الذي ربى ملك السلطان المعظم أبي القاسم محمود بن سبكتكين أدام الله تأييده كما يربى الطفل الصغير حتى يشتد عظمه ويؤنس رشده وما زال يدرجه بحسن هدايته وكفايته إلى الزيادة وبلوغ الإرادة حتى ثبتت أركانه وعلا مكانه وتلاحقت رجاله وتكاثرت أمواله وتوالت فتوحه وارتقت فتوقه وكأبي حامد بن أحمد بن أبي طاهر الإسفرائيني إمام أصحاب الحديث ببغداد وصدر فقهائها فإنه بلغ من الفقه والتدريس مبلغا تنثني به الخناصر وتثني عليه الأفاضل وكأبي العباس بن علي فإنه من بقية الكرام الأجواد الذين لا تخرج أوصافهم إلا من الدفاتر وكتب المآثر فهو من حسنات نيسابور ومفاخرها وهو الآن الحاكم والزعيم بأسفرائين والناظر في أمورها والمناضل عن أهلها والمتكفل بمصالحها ومناجحها يرجع إلى أدب غزير وفضل كثير وطبع كريم وخلق عظيم ومن حسن أثره ويمن نقيبته أن إسفرائين حرم أمن وجنة عدن عامرة به وقد شمل سائر كور نيسابور نواحيها الخراب وعمها الاختلال وكانت إسفرائين فيها لمعة في ظلم وغرة في غرر ومن عجيب شأنه أنه على إقلاله وكثرة ديونه وقصور دخله عن خرجه يقيم من المروءة وسعة الرحل ما لا عهد لمن فوقه في الجاه والمال بمثله ويبذل للزوار والعفاة ما لا يقدم أجواد المياسير على بذله وكأن الأشجع السلمي عناه بقوله (وليس بأوسعهم في الغنى * ولكن معروفه أوسع) من المتقارب وله كتابه حسنة ومحاضرة مفيدة وفصاحة مرضية وشعر كثير لا يحضرني منه الآن إلا قوله (وكنت إذا ما سرح المشط عارضي * رأيت سحيق المسلك بين يديا) (فصرت إذا ما خللته أناملي * تناثر كافور بهن عليا) من الطويل
(٥٠٥)