ابا عثمان الخالدي وأبا الفرج الببغاء وأبا الحسين التلعفري وشيوخ الشعراء فلما رأوه عجبوا منه واتهموه بأن الشعر ليس له فقال الخالدي أنا أكفيكم أمره وأتخذ دعوة جمع الشعراء فيها وحصل السلامي معهم فلما توسطوا الشرب أخذوا في ملاحاته والتفتيش على قدر بضاعته فلم يلبثوا أن جاء مطر شديد وبرد ستر الأرض فألقى أبو عثمان نارنجا كان بين أيديهم على ذلك البرد وقال يا أصحابنا هل لكم في أن نصف هذا فقال السلامي ارتجالا من مجزوء الكامل (لله در الخالدي * الأوحد الندب الخطير) (اهدى لماء المزن عند جموده نار السعير *) (حتى إذا صدر العتاب * إليه عن حنق الصدور) (بعثت إليه بعذره * من خاطري أيدي السرور) (لا تعذلوه فإنه * أهدى الخدود إلى الثغور) مجزوء الكامل فلما رأوا ذلك أمسكو عنه وكانوا يصفونه بالفضل ويعترفون له بالحذق إلا التلعفري فإنه أقام على قوله الأول حتى قال فيه السلامي [من الكامل]:
(يا شاعرا بسقوطه لم يشعر * ما كنت أول طامع لم يظفر) (لو كنت تعرف والدا تسمو به * لم تنتسب ضعة إلى تلعفر) (تاه ابن بائعة الفسوق على الورى * بقذال صفعان ونكهة أبخر) (وبلادة في الشعر تشهد أنه * تيس ولو نصرت بطبع البحتري) (يحلو بأفواه الأنامل صفعه * حتى كأن قذله من سكر) وقال فيه أيضا من الوافر (سما التلعفري إلى وصالي * ونفس الكلب تكبر عن وصاله)