عذري وحسبته يعفيني فعاودني بمن استحضرني فدخلت عليه وقد قعد للشرب فأكرهني عليه ثم قال أتعرف أحسن صنيعا مني بك وقد نقلتك عن واحرباه إلى واطرباه وسمعت عنده خادمه المسمى سلافا وهو يضرب بالطنبور ويجيد ويغني ويحسن وفيه يقول وقد شربنا عنده سلافا [من الخفيف]:
(قد سمعنا وقد شربنا سلافا * وجمعنا بلطفه أوصافا) وشاهدت من حسن مجلسه وخفة روح أدبه وإنشاده للصنوبري وطبقته ما طاب به الوقت وهشت له النفس وشاكل رقة ذلك الهوى وعذوبة ذلك اللمى وكان فيما أنشدني لنفسه وقد عمله في بعض غلمانه [من الكامل]:
(خطط مقومة ومفرق طرة * فكأن سنة وجهه محراب) (وريت في كشف الذي القى به * فتعطل النمام والمغتاب) فانصرفت عنه وجعلت ألقاه في دار الامارة وهو على جملة من البر والتكرمة حتى عرفت خروجه إلى بستان بالياسرية لم ير أحسن منه ولا أطيب من يومه فيه لا اني حضرته ولكني حدثت بما أرى له فكتبت إليه شعرا م [من الكامل]:
(قل للوزير أبي محمد الذي * من دون محتده السهى والفرقد) (من إن سما هبط الزمان وريبه * أو قام فالدهر المغالب يقعد) (سقيتني مشمولة ذهبية * كالنار في نور الزجاجة توقد) (لما تخون صرف دهر عارض * صبري وقلبي مستهام مكمد)