الصدور فارتفق بهم وارتزق معهم وحسنت حاله وسار شعره في الآفاق ونظم حاشيتي الشام والعراق وسافر كلامه إلى خراسان وسائر البلدان وكنت أحسب انني استغرقت شعره لجمعي فيه بين لمع أنشدنيها وأنسخنيها أبو بكر الخوارزمي أولا وبين ديوان شعره المجلوب من بغداد وهو أول ما رأيته مما أنفذه أبو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي من بغداد إلى أبي بكر وبين المجلدة بخط السري التي وقعت إلي من جهة أبي نصر وفيها زيادات كثيرة على ما في الديوان فقرأت في كتاب الوساطة للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني أبياتا أنشدها للسري في جملة ما أنشده لأكابر الشعراء مما يتضمن الاستعارة الحسنة مع إحكام الصنعة وعذوبة اللفظ وهي من الطويل (أقول لحنان العشاء المغرد * يهز صفيح البارق المتوقد) (تبسم عن ري البلاد صبيبه * ولم يبتسم إلا لإنجاز موعد) الطويل ومنها من الطويل (ويا ديرها الشرقي لا زال رائح * يحل عقود المزن فيك ومغتدى) (عليلة أنفاس الرياح كأنما * يعل بماء الورد نرجسها الندى) (يشق جيوب الورد في شجراتها * نسيم متى ينظر إلى الماء يبرد) الطويل فأعجبت جدا بها وتعجبت منها وتأسفت على ما فاتني من أخواتها من هذه القصيدة وغيرها ثم قرأت في كتاب تفسير ابن جني لشعر المتنبي بيتا واحدا أنشده السري من قصيدة وذكر أنه اخذه من قول المتنبي من الطويل (سقاك وحيانا بك الله إنما * على العيس نور والخدود كمائمه) الطويل
(١٤٠)