ثم يعود إليها فأذن له وأمر بأن تخلع عليه الخلع الخاصة ويقاد إليه الحملان الخاص وتعاد صلته بالمال الكثير فامتثل ذلك وأنشده أبو الطيب الكافية التي هي آخر شعره وفي أضعافها كلام جرى على لسانه كأنه ينعي فيه نفسه وإن لم يقصد ذلك فمنه قوله (فلو أني استطعت خفضت طرفي * فلم أبصر به حتى أراكا) من الوافر وهذه لفظة يتطير منها ومنه (إذا التوديع أعرض قال قلبي * عليك الصمت لا صاحبت فاكا) (ولولا أن أكثر ما تمنى * معاودة لقلت ولا مناكا) أي لو أن أكثر ما تمنى قلبي أن يعاودك لقله له ولا بلغت أنت أيضا منتك وهذا أيضا من ذاك ومنه (قد استشفيت من داء بداء * وأقتل ما أعلك ما شفاكا) أي قد أضمرت يا قلب شوقا إلى أهلك وكان ذلك داء لك فاستشفيت منه بأن فارقت عضد الدولة ومفارقته داء لك أيضا أعظم من داء شوقك إلى أهلك وهذا شبه قول النبي صلى الله عليه وسلم (كفى بالسلامة داء) وقول حميد بن ثور (وحسبك داء أن تصح وتسلما) من الطويل وأقتل ما أعلك ما شفاكا من ألفاظ الطيرة أيضا ومنه (وكم دون الثوية من حزين * يقول له قدومي ذا بذاكا) الثوية من الكوفة يقول له قدومي ذا بذاك أي هذا القدوم بتلك الغيبة وهذا السرور بذلك الحزن لم يقل إن شاء الله تعالى ومنه (ومن عذب الرضاب إذا انخنا * يقبل رحل تروك والوراكا)
(٢٧٥)