وإذا كان هذان الصدران المقدمان على بلغاء الزمان يقتبسان من أبي الطيب في رسائلهما فما الظن بغيرهما وما أحسن قول الشاعر (ألا إن حل الشعر زينة كاتب * ولكن منهم من يحل فيعقد) من الطويل وممن يحذو حذوهما الأستاذ أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي وما أظرف ما قرأت له في كتابه إلى أبي سعيد الشبيبي وقد أتاني كتاب شيخ الدولتين فكان في الحسن روضة حزن بل جنة عدن وفي شرح النفس وبسط الأنس برد الأكباد والقلوب وقميص يوسف في أجفان يعقوب وهو من بيت أبي الطيب (كأن كل سؤال في مسامعه * قميص يوسف في أجفان يعقوب) من البسيط وفصل لأبي بكر الخوارزمي وكيف أمدح الأمير بخلق ضن به الهواء وامتلأت من ذكره الأرض والسماء وأبصره الأعمى بلا عين وسمعه الأصم بلا أذن وهو حل نظم أبي الطيب (تنشد أثوابنا مدائحه * بألسن ما لهن أفواه) (إذا مررنا على الأصم بها * أغنته عن مسمعيه عيناه) من المنسرح ولأبي بكر من رسالة ولقد تساوت الألسن حتى حسد الأبكم وأفسد الشعر حتى أحمد الصمم
(١٥٨)