وأعضاء وقوى لها فوائد متفرقة مادية وروحية ربما ائتلفت فقويت وعظمت كثقل كل واحد من الأجزاء وثقل المجموع والتمكن والانصراف من جهة إلى جهة وغير ذلك، وربما لم تأتلف وبقيت على حال التباين والتفرق كالسمع والبصر والذوق والإرادة والحركة إلا أنها جميعا من جهة الوحدة في التركيب تحت سيطرة الواحد الحادث الذي هو الانسان، وعند ذلك يوجد من الفوائد ما لا يوجد عند كل واحد من أجزائه وهي فوائد جمة من قبيل الفعل والانفعال والفوائد الروحية والمادية، كالنطفة مثلا إذا استكملت نشأتها قدرت على إفراز شئ من المادة من نفسها وتربيتها إنسانا تاما آخر يفعل نظائر ما كان يفعله أصله ومحتده من الافعال المادية والروحية، فأفراد الانسان على كثرتها إنسان وهي واحد، وأفعالها كثيرة عددا واحدة نوعا وهي تجتمع وتأتلف بمنزلة الماء يقسم إلى آنية فهي مياه كثيرة ذو نوع واحد وهي ذات خواص كثيرة نوعها واحد، وكلما جمعت المياه في مكان واحد قويت الخاصة وعظم الأثر.
وقد اعتبر الاسلام في تربية أفراد هذا النوع وهدايتها إلى سعادتها الحقيقية، هذا المعنى الحقيقي فيها ولا مناص من اعتباره، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) (1). وقال أيضا: (بعضكم من بعض) (2). وهذه الرابطة الحقيقية بين الشخص والمجتمع لا محالة تؤدي إلى كينونة أخرى في المجتمع حسب ما يمده الأشخاص من وجودهم وقواهم وخواصهم وآثارهم فيتكون في المجتمع سنخ ما للفرد من الوجود، وخواص الوجود وهو ظاهر مشهود، ولذلك اعتبر القرآن للأمة وجودا وأجلا