والآداب والرسوم القومية التي لا تخلو عن التحول والاختلاف باختلاف الأقوام والمناطق والأعصار، فجميع هذه المعاني والقواعد المستقرة عليها من صنع الطبيعة الإنسانية بإلهام من الله سبحانه، تلطفت بها طبيعة الإنسان، لتمثل بها ما تعتقدها وتريدها من المعاني في الخارج، ثم تتحرك إليها بالعمل، والفعل والترك، والاستكمال.
والتوجه العبادي إلى الله سبحانه، وهو المنزه عن شؤون المادة والمقدس عن تعلق الحس المادي إذا أريد أن يتجاوز حد القلب والضمير، وتنزل على موطن الأفعال - وهي لا تدور إلا بين الماديات - ولم يكن في ذلك بد ومخلص من أن يكون على سبيل التمثيل بأن يلاحظ التوجهات القلبية على اختلاف خصوصياتها، ثم تمثل في الفعل بما يناسبها من هيئات الأفعال وأشكالها، كالسجدة يراد بها التذلل، والركوع يراد به التعظيم، والطواف يراد به تفدية النفس، والقيام يراد به التكبير، والوضوء والغسل يراد بها الطهارة للحضور ونحو ذلك. ولا شك أن التوجه إلى المعبود، استقباله من العبد في عبوديته روح عبادته، التي لولاها لم يكن لها حياة ولا كينونة، وإلى تمثيله تحتاج العبادة في كمالها وثباتها واستقرار تحققها.