الرسول إلى الرفيق الأعلى. فكيف نتحرى الحقائق؟ وكيف يقام العدل؟ وكيف تستفيد الأمة من تجارب الماضي فتتجنب الخطأ وتنهج منهج الصواب؟ ومن هنا فإن الشيعة ترى وتؤمن بعدالة الصادقين من الصحابة وتدعو لهم في كل صلاة، أما غيرهم من الصحابة، فالذي يعدله هو دينه وعمله بالموازين الشرعية. وهم يرون أن عدالة كل؟ لصحابة بالمعنى الذي يطرحه أهل السنة هي نظرية سياسية تماما نشأت في رعاية حكم الطلقاء، أو تحت إشرافهم تكونت كل مقوماتها.
وبوسائل إعلام دولة الطلقاء رسخت قواعد هذه النظرية ثم تلقفتها الأجيال اللاحقة تقليدا وبدواع مختلفة وبنوايا مختلفة.
وتقول الشيعة: أما العقوبة التي خصصها بعض الفقهاء تأييدا لنظرية عدالة كل الصحابة فهي عقوبة بغير نص ولا يملك أحد أن يعاقب مسلما بغير نص شرعي.
وأن العقوبة هي ظلم وهي باطلة بكل الموازين الشرعية وتؤدي بالنتيجة إلى تكريس حالة انقسام الأمة ومنعها من الاستفادة من دروس الماضي وعبره، والتفكر في مآلات الأشياء وكيف آلت إلى ما آلت إليه، وبالتالي إيجاد العوائق بطريق استشراف المستقبل وتوحيد الأمة على نور وعلى بصيرة.
خلط الأوراق لو كان الصحابة كلهم عدولا لما حدثت الفتنة، ولو كان الصحابة كلهم عدولا لما تفرقت الأمة، ولو كان الصحابة كلهم عدولا لما قتل الصحابي صحابيا مثله، لأن العادل لا يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولو كان الصحابة كلهم عدولا لما وسد الأمر لغير أهله ولما أصبحت الخلافة ملكا وغنيمة يأخذها الغالب.
والقول بعدالة كل الصحابة خلط للأوراق، وتعمية للناس وحجر على عقولهم، لأن من يقتتلون لا يمكن أن يكونوا جميعا على الحق، لأن الحق ضد القتل وضد الفتنة ويمنع الفرقة ويمنع من توسيد الأمر لغير أهله.
فنأتي الآن وبعد مضي ألف سنة لنقول تلك أمة قد خلت ولنبدأ من جديد دون أن نعرف من هو المحق ومن هو الذي اتبع الحق حتى نقتفي أثره. ومن هو المبطل ومن الذي اتبع هواه حتى نتجنب مسالكه، ومعنى ذلك أننا نهمل الاستفادة من تجربة