القول الفصل في عدالة الصحابة استذكار وتلخيص لوجهتي نظر السنة والشيعة رأينا أن الصحبة لغة واصطلاحا تعني كل الذين لقوا النبي وآمنوا به أو تظاهروا بهذا الإيمان وماتوا وهم على هذا الإيمان أو التظاهر به، وأن أهل السنة قد أجمعوا على أن كل هؤلاء عدول بلا استثناء، ورأينا أن نظرية عدالة كل الصحابة تتعارض مع النصوص الواردة في السنة المطهرة القولية والفعلية والتقريرية، وتتعارض مع النصوص الشرعية القاطعة الواردة في القرآن الكريم، بل وتتعارض مع الغاية من الحياة، ومع منطق الأشياء والروح العامة للإسلام. وقد أثبتنا هذا التعارض، وحرصنا على سوق الأمثلة والتبسيط، وتبين لنا أن الصحابة شرعا وبالضرورة قسمان:
1 - الصادقون: وهم عدول بإجماع كل المسلمين من شيعة وسنة، ولا خلاف بينهما في هذه الناحية.
2 - غيرهم: وهم موضع الخلاف. فبينما يرى أهل السنة أن كل الصحابة بلا استثناء عدول لا فرق بين أول من أسلم وبين صبي رأى النبي أو رآه النبي من حيث وصف العدالة، فالكل عدول ولا يجوز التعرض لهم لا من قريب ولا من بعيد بأي دراسة تؤدي إلى نقدهم أو إلى الانتقاص من أي واحد منهم، ومن يفعل ذلك فهو زنديق أثيم لا تجوز مواكلته أو مشاربته ولا الصلاة عليه. بينما يرى أهل الشيعة أن العدل من عدله الله وعدله رسول الله. والحقيقة الشريعة المجردة هي ضالة المؤمن. وقد بين الشرع الحنيف وسائل استكشاف هذه الحقيقة، ورشد حركة المسلم في هذا الاستكشاف وأعطاه الملكات العقلية التي تساعده على ذلك وتحقق غايته إن تجرد من الهوى، فإذا كان سيد الخلق محمد بشرا يصيب ويخطئ - كما يقولون - فما الذي يمنع طفلا رأى النبي أو رآه النبي من أن يخطئ أو أن يكذب؟ وأين هو الحكم الشرعي الذي يحجر على العقل البشري ويمنعه من أن يتحرى الحقيقة عند هدا أو ذاك. فهناك من قتل الصحابة، وهناك من سرق، وهناك من كذب، وهناك من زنى، وهنالك من أحيل للقضاء بعد انتقال