التداعيات والانهيارات السياسية واقعيا، وبدأت معها عمليات التعتيم والتظاهر بالسلامة، والتستر على هذه الانهيارات، ظنا من أرباب تلك العمليات أنها قد تعطي الفرصة لإيقاف تلك الانهيارات، فلا يسمع بها أحد، ولا يشمت بالدين وأهله شامت، ولكن الانهيارات لم تتوقف، بل توالت عبر التاريخ، ومهد الانهيار إلى انهيار، حتى تحول النظام السياسي في الإسلام إلى هيكل عظمي لم يبق له من الإسلام إلا الاسم، حيث اختفى وانهار نهائيا بسقوط آخر سلاطين بني عثمان، واستفاق المسلمون من ذهولهم، فإذا بالأمة الواحدة أمم ممزقة، تحيا الحيرة والضياع، فلو أرادت أن تتحد لما عرفت، كيف تتحد - كما يقول العقاد في ميزانه، وإذا بدولة الإسلام الواحدة دول، وإذا بحمى الإسلام يتحول إلى مائدة تتداعى فيها الأمم، والعالم من حولنا تتحكم به شريعة الغاب، وقد أنشبت المادية أظافرها في ذاته فأدمتها، يجري وراء السراب، يتوهم أنه اكتشف العلاج الذي يوقف النزيف، ويحاول أن يجر إليه البشرية جرا، تحت شعار الرحمة وإكراه المريض على تناول العلاج. وبينما الطبول تصدر أنغام الفرح والمسرة، يكتشف العالم أن الذي تصوره علاجا كان وهما، وليس انهيار العقيدة الشيوعية ببعيد.
لماذا حدثت الانهيارات؟ لماذا توالت؟ حتى حولت النظام السياسي الإسلامي إلى هيكل عظمي وأخرجته عن معناه وصورته، ثم أتت عليه ورفعته من واقع الحياة بعد أن أبطلت مفعول المنظومة الحقوقية الإلهية وحرمت الجنس البشري من التداوي بعلاج الإسلام ومن الانتفاع بمنظومته؟ أين يكمن سبب ذلك كله؟ من المحال عقلا أن يكون سبب كل هذه البلايا والمحن من المنظومة الحقوقية ذاتها، لأنها من صنع الله الذي أتقن كل شئ خلقه!
إذن، فمن المؤكد أن السبب في كل ذلك يكمن في الذين قادوا التاريخ السياسي الإسلامي وصنعوه، أو في الأمة التي اشتركت معهم في صناعة هذا التاريخ وإخراجه، أو بالاثنين معا!
الأحزاب الدينية العربية التي تولت قيادة موكب التقليد الأعمى، وتاجرت بالآلام، وخلطت كل الأوراق لغاية في نفس يعقوب، تحاول بكل قواها أن تلقي بروع الناس، أن فهم هذه الأحزاب للإسلام هو الإسلام بعينه، وأنه لا فرق بين