نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٧٥
بكل أصناف الرفض وألوانه، وقاومت بكل فنون المقاومة، لا وفاء للأصنام ولكنها تكره أن يأتي الدين عن طريق هاشمي وتكره أن تكون للهاشميين القيادة، وأن تهز الصيغة السياسية، وأخيرا فوجئ أبو سفيان بجند الله قرب مكة، ويوقفه العباس فيرى جند الله، فيدخل الرعب في قلبه، وينتزع منه فتيل المقاومة ويفصح قائد الحزب عن حقيقة تصوراته لدعوة محمد فيقول: ما رأيت ملكا مثل هذا لا ملك كسرى ولا ملك قيصر ولا ملك بني الأصفر (1)، ويجره العباس إلى محمد فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله "، فيقول أبو سفيان: لقد ظننت أنه لو كان مع الله إلها غيره لما أغنى عني شيئا، قال (صلى الله عليه وآله): يا أبا سفيان ألم يئن لك أن تعلم أني رسول الله؟
قال أبو سفيان: أما والله فإن في النفس حتى الآن منها شئ. صاح العباس: ويحك يا أبا سفيان أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك، هنا فقط بعد ذكر ضرب العنق وبعد الإحاطة وضعف الحيلة أسلم لينجو بنفسه، ودهش أبو سفيان وهو ينظر للنبي فقال في نفسه: ليت شعري بأي شئ غلبني، فأوحى الله إلى نبيه بما في صدر أبي سفيان فقال له الرسول " غلبتك بالله ".
وأدركت بطون قريش أن النبوة الهاشمية قدر لا مفر منه ولا محيد عنه، ولا علاقة لها باختيارها، ولو كان لها أي دور بهذا الاختيار لما قبلت أبدا أن يكون النبي من بني هاشم، والنبوة الطاهرة لن تتكرر، وأنه لن يلحق أي بطن من بطون قريش ببني هاشم، فقد سبقوا تماما وأدركت بطون قريش أن صيغتها السياسية قد اهتزت ونسفت تماما، وأضمرت العمل على وقف ما تعتبره زحفا هاشميا للجمع بين النبوة والملك وحيازة الشرف كله.
أكثر البطون اندفاعا لوقف ما يسمى بالزحف الهاشمي كل بطون قريش مجمعة على أن النبوة الهاشمية قد هزت هزا عنيفا الصيغة السياسية التي كانت قائمة على اقتسام مناصب الشرف بين القبائل المكية. وكل البطون رفضت هذه النبوة الهاشمية باستثناء بني المطلب بن عبد مناف حيث وقفوا مع

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٩ وما فوق، وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331