بينما الصيغة السياسية الجاهلية قائمة على اعتبار القيادة بمثابة شركة لكل بطن هذه البطون سهم في هذه الشركة فقد توصلت هذه البطون إلى صيغة سياسية قائمة على اقتسام مناصب الشرف " المناصب السياسية " في ما بينها من قيادة ورفادة وسقاية ولواء وسفارة.... الخ ولاح لهذه البطون أنها أفضل صيغة إذ ليس فيها غالب ولا مغلوب، فالمناصب السياسية قدر مشترك بين البطون وفق هذه الصيغة ولا مصلحة لأي بطن في تغيير هذه الصيغة، مما جعلها عنوان عقيدة سياسية وأثرا مأثورا مما تركه الأولون، ومن غير الجائز الخروج عليه، وحاولت القبائل المكية أن تمنع ظهور نبي من بني هاشم، وقاومت بكل قواها ولكنها فشلت، فكأن نبوة بني هاشم قدر لا مفر منه، فإذا أخذ الهاشميون النبوة فهذا قدر لا محيد عنه، فهل تكون الخلافة أو الملك قدر أيضا، فمن غير المعقول أن يعطي الله الهاشميين النبوة والخلافة معا؟، ومن هنا فإن الترتيبات الإلهية المتعلقة بالخلافة من بعد النبي أثارت حفيظة قريش وحدها وتمخض هذا الحسد عن شعار: " لا ينبغي أن يجمع الهاشميون النبوة مع الخلافة " ولكن هذا الشعار كان ملجوما بوجود النبي (ص) ولكن الفرصة مهيأة لظهوره. وربطا منهجيا للموضوع فإنني أسوق معالجتي التاريخية لهذا الموضوع مرة ثانية في هذا الباب لتكتمل الصورة وليتم استيعاب الموضوع.
(٢٦٧)