نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٢٦
للطعن بالمرجعية الشرعية بعد وفاة النبي، وقربوا القائلين بنظرية عدالة كل الصحابة، وبذلوا لهم المال والجاه، وسخروا كل وسائل إعلام الدولة للترويج لهذه النظرية.
ومن الطبيعي أن لا تخفى هذه الأساليب على ذوي البصيرة من الصحابة الكرام، لكن أياديهم مغلولة، والأمة متفرقة، وقد غلبت على أمرها، فاستنكرها كبار الصحابة بالقول والفعل، لكن هذا الاستنكار كان يموت لحظة ولادته في زوايا البيوت، بينما كان تأييد هذه النظرية يعمم بكل وسائل الإعلام، وبدعم الدولة نفسها. فعمليات التنقيص من ولي الأمة ومرجعها الشرعي ولعنه وشتمه كانت أمورا يومية تمارسها الأمة بقوة السلاح، وعنفا عن إرادتها، ومن يعارض ذلك فمصيره مصير حجر بن عدي، وهو القتل وحرمانه من العطايا الشهرية أو لقمة العيش.
وبنفس الوقت، كانت عملية إيجاد المرجعية البديلة تشق طريقها بريح ملائمة.
المرجعية البديلة أصبحت شرعية:
مات جيل الصحابة الكرام، ومات التابعون الصادقون، وماتت المعارضة، واختفت حجة هؤلاء جميعا، ولم يبق منها إلا النزر اليسير. وبقيت كافة المعلومات الضرورية لإضفاء الشرعية على المرجعية المزيفة والبديلة موجودة بكامل تفاصيلها، لأنها جزء من وثائق الدولة المحفوظة، وبالتالي أصبحت شرعية حقيقية من حيث الظاهر بعد أن مات كل الذين يعرفون الحقيقة، وأخفيت حجتهم ومعارضتهم، ولم يبق منها إلا اليسير، فاعتقد اللاحقون أن المرجعية الشرعية التي أمر الله بها وأوجدها هي عينها التي نقلت إليهم عن طريق الدولة من أسلافهم، فأصبحت معارضة هذه النظرية معارضة للدين نفسه لا معارضة للذين أوجدوها، وأصبحت تقليدا لا تقبل المناقشة، ومن يناقشها أو يعارضها أو ينتقص من الذين وضعوها فهو زنديق لا يواكل ولا يشارب... الخ، ولأن الشيعة بزعامة أهل البيت يعارضون ذلك ولا يقبلون به، فمن الطبيعي أن تصب عليهم كل اللعنات وأن يصوروا كأنهم أعداء للدين وكفار مجرمون. وهذا ما استقر بذهن العامة، وبذهن العلماء الذين تخرجوا من جامعات هذه النظرية، ورووا التاريخ من خلالها.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331