مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٦٢
الإمام علي، ويأخذون برأيه وبعضهم كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس فيها أبو حسن)، كما هو مشهور. لكنهم كانوا يستشيرونه في المعضلات النادرة التي لم تقو علومهم واجتهاداتهم على إيجاد حل لها، وبالصدفة. ومع هذا، فإن المسند الشرعي لقبول حلول الإمام علي لتلك المعضلات ليس هو فهمه أو رأيه وإنما تبني الخليفة له، فمن دون هذا التبني يصبح عديم الفائدة والجدوى!
وقد سار موكب الأمة بقيادة الخلفاء عبر التاريخ متجاهلا " بالكامل وجود أهل بيت النبوة، ووجود علمهم الخاص المميز، ووجود فقههم! ولم يستشهد بهذا العلم إلا لغاية محددة هي إثبات شرعية عمل الخلفاء وسننهم. خذ على سبيل المثال (القبض على اليدين) في الصلاة. الشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل وأتباعهم يقبض كل واحد منهم على يديه أثناء الصلاة (أي يمسك رسغ اليسرى باليد اليمنى). بينما مالك وأهل البيت وشيعتهم يرسلون اليدين أثناء الصلاة! فشرعية عدم القبض على اليدين وإرسالهما لا تستمد من فعل أهل بيت النبوة بل من فعل مالك صاحب المذهب المشهور ومن فعل أتباعه! ويستدل الإمام مالك على صواب فعله بفعل أهل بيت النبوة; فلو أن مسلما " من أتباع مالك صلى في مسجد من مساجد المسلمين، وهو مرسل يديه وغير قابض عليهما للفت أنظار الجميع، ولانهالوا عليه بالسؤال بعد انتهاء صلاته، فإذا قال إنه مالكي (من أتباع مالك) نجا، وصار فعله أمرا " طبيعيا "! أما إذا قال إنه من شيعة أهل بيت النبوة ومن أتباع مذهبهم يجن جنون الجميع ويستنكرون بشدة دخوله إلى المسجد وصلاته فيه! ومن الممكن أن يطردوه بحجة أنه من الروافض (الذين رفضوا قيادة الخلفاء ومرجعيتهم)، أو بحجة أنه من الملاحدة المشركين! مع أن هذا المسلم يتلو القرآن الذين يتلونه، ويؤدي العبادات نفسها كم يقرونها يفردونها؟؟؟. ومع أنه مسلم مثلهم، والفرق بينهم وبينه أنهم يتبعون أحد المذاهب الأربعة وهو يتبع مذهب أهل بيت النبوة! أو هم يقتدون بأصحاب المذاهب الأربعة التي اعتمدها متأخرو الخلفاء، وصاحبنا يقتدي بأهل بيت النبوة; هذا هو الفارق الدقيق.
واستطرادا " فقد رأت دولة الخلفاء أن ترك الباب مفتوحا " أمام تعدد المذاهب والمراجع أمر غير عملي، والأنسب أن تختار عددا " منها وتفرضه بالقوة على
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257