اقتلاعه إلا بعملية (جراحية)، بمعنى أن المنهاج التربوي والتعليمي الذي فرضته البطون بقوة دولتها ونفوذها كان بمثابة عملية (غسل دماغ) استمرت قرابة ألف عام. والقيام بعملية (غسل دماغ مضادة) تحتاج إلى جهد استثنائي، لا طاقة لأي فرد أو جماعة عليه!
ويمكنك القول إن إعادة حق القيادة والمرجعية لأهل بيت النبوة يعني مخالفة لسنة خلفاء الدولة التاريخية الإسلامية، تلك السنة التي دامت ألف عام على الأقل، وهي تعمل وتترسخ في النفوس، ومن جهة ثانية، فأن إعادة حق أهل بيت النبوة بالقيادة والمرجعية يتعارض مع أهواء الطامعين بهذه القيادة والمرجعية ويتعارض مع ميول أصحاب الثروة والطبقات المترفة التي تخشى العدل الإلهي المتمثل بقيادة أهل بيت النبوة ومرجعيتهم! فعلى سبيل المثال، كان خلفاء البطون يعطون الناس بنسب متفاوتة وحسب منازلهم عندهم، وحسب ولائهم لنظام الخلافة وتوجهاته، أي أنهم كانوا لا يساوون بين الناس بالعطاء كما قضت سنة النبي!
بل كانوا يعطون القرشي أكثر من غيره، ويعطون العربي أكثر من المولى، حتى زوجات الرجل الواحد كانوا لا يساوون بينهم في العطاء، فكان عمر يعطي كل واحدة من زوجات الرسول عشرة آلاف ويعطي كلا من عائشة وحفصة اثني عشر ألفا ".
وعند ما آلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب، وفق النمط الذي اخترعه الخلفاء، أعاد سنة الرسول، فكان يعطي الناس بالسوية لا فرق بين عربي وعجمي. وكان يأخذ عطاءه مثل أي واحد من الناس! هذه السياسة العادلة التي اتبعها الإمام أكدت وساوس الطبقة المترفة وشكوكها، ووجاهة تحالفها مع قادة بطون قريش. وبينت أن قيادة أهل بيت النبوة ومرجعيتهم ليست لمصلحة التحالف الحاكم بل هي لمصلحة الأغلبية الساحقة من أفراد الأمة!
وبما أن خلفاء البطون وقادتها، وأبناء الطبقة الفنية المترفة كانوا يشكلون فريقا " واحدا " يملك السلطة والمال والإعلام فقد كرسوا، بشكل نهائي، وبوسائل